للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً» . قَالَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أُمَّ إبْرَاهِيمَ رَقِيقَةً، وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ. (وَإِذَا أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ (السَّيِّدُ) الرَّجُلُ الْحُرُّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا (أَمَتَهُ) أَيْ بِأَنْ عَلِقَتْ مِنْهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ أَحْبَلَهَا الْكَافِرُ حَالَ إسْلَامِهَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

خَارِجًا تَحَرُّزًا عَنْ الْوَلَدِ. فَأَمَّا إذَا عَزَمَ أَنْ يَنْزِعَ لَا عَلَى هَذَا الْقَصْدِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا يَحْرُمَ فَصَارَ الصَّحِيحُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ. قَوْلُهُ: (كَائِنَةٌ) أَيْ مُقَدَّرَةٌ.

قَوْلُهُ: (إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ) أَيْ مَوْجُودَةٌ أَيْ فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ عَزَلَ أَوْ لَمْ يَعْزِلْ فَهُوَ كَوْنٌ خَاصٌّ فَلِذَا ذُكِرَ. لِأَنَّ وَاجِبَ الْحَذْفِ هُوَ الْكَوْنُ الْعَامُّ.

قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا. قَوْلُهُ: (قَالَ) أَيْ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ قَوْلُ عَائِشَةَ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا) هِيَ لِلْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ كَالْوَطْءِ هُنَا فَلِذَلِكَ آثَرَهَا عَلَى إنْ لِأَنَّهَا لِلْمُتَوَهَّمِ وُجُودُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَطِئَ) مِنْ تَفْسِيرِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَكُونُ بِجَمِيعِ الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْوَطْءَ بِإِصَابَةِ السَّهْمِ لِلْغَرَضِ وَاسْتَعَارَ الْإِصَابَةَ لِلْوَطْءِ وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِصَابَةِ أَصَابَ بِمَعْنَى وَطِئَ وَالْجَامِعُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ. قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ) قَيَّدَ بِالرَّجُلِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي وَخَرَجَ الْخُنْثَى فَقَوْلُهُ: الرَّجُلُ أَيْ الْمُحَقَّقُ الذُّكُورَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْخُنْثَى أَمَةً خُنْثَى فَحَبِلَتْ مِنْ الْمَالِكِ الْخُنْثَى ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ حَبِلَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ بِحَبَلِ السَّيِّدِ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ وَهِيَ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِاسْتِيلَادِ مَنْ ذُكِرَ وَحَبَلُهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَلَا تُحَدُّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَهُوَ يُدْرَأُ بِالشُّبَهِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَوَهُّمِهِ فِي ذَلِكَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَةً فَأَلْقَتْ عَلَقَةً فَأَخَذَتْهَا أَمَتُهُ الْأُخْرَى فَتَحَمَّلَتْ بِهَا فَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ. ثُمَّ وَلَدَتْ فَهَلْ يُحْكَمُ لِلثَّانِيَةِ بِالِاسْتِيلَادِ قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ فِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْحُرُّ) أَيْ الَّذِي يُمْكِنُ إحْبَالُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ. قَالَ شَيْخُنَا الدَّيْرَبِيُّ: وَشُرِطَ فِي السَّيِّدِ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ فَلَوْ وَطِئَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَثْبُتْ إيلَادُهُ. وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ بَلَغَهَا وَوَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ: وَلَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النَّسَبِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ قَالَهُ حَجّ. قَالَ الشَّمْسُ م ر. لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ صِغَرِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْأَمَةِ. اهـ كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ يَسْتَكْمِلُ تِسْعَ سِنِينَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ صَوَابُهُ اُسْتُشْكِلَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَدُونَ التِّسْعِ لَا يَكْفِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُلْغِزُ بِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ. وَيُقَالُ فِيهِ لَنَا أَبٌ غَيْرُ بَالِغٍ. اهـ. دَيْرَبِيٌّ فِي خَتْمِهِ عَلَى سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا) وَأَمَّا إيلَادُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ م ر.

قَوْلُهُ: (أَمَتُهُ) أَيْ مَنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَإِنْ قَلَّ س ل. بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَمَتُهُ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ وَطِئَ الْأَصْلُ أَمَةَ فَرْعِهِ أَيْ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا الْفَرْعُ وَلَوْ مُزَوَّجَةً فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ. وَمِثْلُهَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ أَوْ مُكَاتَبَةُ وَلَدِهِ وَلِلْأَمَةِ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ حَالَ عُلُوقِهَا مِنْهُ. الثَّانِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ الْكِتَابَةِ حَالَ الْعُلُوقِ وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا بَلْ بِيعَتْ فِيهِ وَلَمْ يَمْلِكْهَا السَّيِّدُ بَعْدُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ أَوْ لَازِمٌ وَهُوَ كِتَابَةٌ أَوْ غَيْرُ كِتَابَةٍ لَكِنَّهُ زَائِلٌ عِنْدَ الْعُلُوقِ أَوْ مُسْتَمِرٌّ وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَقَدْ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا بِنَحْوِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ لَمْ يَزُلْ وَبِيعَتْ فِيهِ لَكِنَّهُ مَلَكَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ. أَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَالْحَقُّ اللَّازِمُ مِثْلُ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمِثْلُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ اهـ. اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةً يَثْبُتُ فِيهَا الْإِيلَادُ وَهِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْإِجَازَةِ قَالَ ع ش قَدْ يُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَعَ الْإِجَازَةِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يُحْبِلْ إلَّا أَمَتَهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَتُهُ أَيْ الَّتِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَخَرَجَتْ الْمَرْهُونَةُ إذَا أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ. فَإِنْ انْفَكَّ الرَّاهِنُ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَخَرَجَتْ الْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ إذَا أَوْلَدَهَا مَالِكُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>