للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ (مَا) أَيْ لَحْمٌ (يَتَبَيَّنُ) لِكُلِّ أَحَدٍ أَوْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ الْقَوَابِلِ (فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ آدَمِيٍّ) كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ وَجَوَابُ إذَا (حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا) وَلَوْ مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ مِمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا. (وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) مَعَ بُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا لِخَبَرِ: «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَيْ لَحْمٌ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ الْمَحَلِّيِّ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْقَوَابِلِ) أَيْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَالْقَوَابِلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَهِيَ جَمْعُ قَابِلَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُقَابَلَتِهَا الْمَوْلُودَ عِنْدَ خُرُوجِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ) ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ وَيُعْتَبَرُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ وَإِنْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَتْ لَتَخَطَّطَتْ وَإِنَّمَا انْقَضَتْ بِهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهُنَا مَا يُسَمَّى وَلَدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مَا فِيهِ غُرَّةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: حَيًّا وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَيُفِيدُ كَمَا قَالَهُ النَّجْمُ الْغَيْطِيُّ أَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تُوصَفُ بِحَيَاةٍ وَلَا مَوْتٍ بَلْ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (صُورَةُ آدَمِيٍّ) وَيَكْفِي بَعْضُ الْمُتَصَوَّرِ وَلَوْ لَأُصْبُعٍ كَمَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا) وَفَرْضُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ فِيمَا بَعْدَ الْوَضْعِ لَا يُنَافِي فِي جَرَيَانِهَا حَالَ الْحَمْلِ أَيْضًا سم وَقَوْلُهُ: بَيْعُهَا أَيْ إلَّا لِنَفْسِهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِمَّنْ) أَيْ لِمَنْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ أَقَرَّ أَيْ لِمَنْ أَقَرَّ. قَوْلُهُ: (وَرَهْنُهَا) لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ أَعْنِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ. أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهَا) أَيْ لِغَيْرِهَا أَمَّا هِبَتُهَا لِنَفْسِهَا فَصَحِيحَةٌ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَرُدَّ لِلْمُقْرِضِ أَمَةً مِثْلَهَا لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمُقْتَرَضِ وَهُوَ نَفْسُهَا لِعِتْقِهَا بِذَلِكَ. وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى سم الْغَزِّيِّ وَمِثْلُ بَيْعِهَا قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مِثْلِهَا لِأَنَّ مَحِلَّ رُجُوعِهِ فِي عَيْنِ الْمُقْرَضِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَقَدْ صَارَتْ عَتِيقَةً لِأَنَّ بِقَرْضِهَا نَفْسَهَا مَلَكَتْهَا. فَعَتَقَتْ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا أَيْ وَلَا تَدْبِيرُهَا، وَهِبَةُ الْبَعْضِ كَهِبَةِ الْكُلِّ فِي حُكْمِهِ وَعِبَارَةُ السَّمْهُودِيِّ قَوْلُهُ وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا أَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا نَقْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَتَسْلِيطٌ عَلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ. وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَقْصُودُ وَكَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالدَّمِيرِيُّ. وَكَذَا تَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَفِي صِحَّةِ وَقْفِهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِلْعِتْقِ بِالْمَوْتِ بِالْجِهَةِ الْقَوِيَّةِ فَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ تَدْبِيرُهَا إذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ إذَا مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَقُلْنَا: إنَّ هَذَا تَدْبِيرٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَصِيرُ مُدَبَّرَةً وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ كَسْبَهَا يَكُونُ لَهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَثْبَتَ ابْتِدَاءَ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَلَيْسَ تَدْبِيرًا فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّدْبِيرِ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَظَاهِرُ قَرْنِ الْمُصَنِّفِ الْبَيْعَ بِالْهِبَةِ فِي الْمَنْعِ تَلَازُمُهُمَا فِيهِ قَالَهُ الْوَلِيُّ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَعَ بُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ قَدْ تُجَامِعُ الصِّحَّةَ كَالْبَيْعِ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) اُنْظُرْ هَلْ عُلِمَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِهِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ هَلْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ يَتَعَيَّنُ الْأَفْصَحُ وَالْأَوْلَادُ جَمْعُ وَلَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ كُلُّ مَا وَلَدَهُ شَيْءٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْوُلْدُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ لُغَةٌ فِيهِ. وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا لَهُ كَأُسْدٍ وَأَسَدٍ وَجَمْعُ وَلَدٍ عَلَى وُلْدٍ سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ قُلْت: جَمَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَارَةً وَأَفْرَدَ أُخْرَى فَهَلْ لِهَذَا مِنْ حِكْمَةٍ. قُلْت: نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالْمُطَابِقَةِ فِي ضَمِيرِ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ لَكِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْكَثْرَةَ فَالْإِفْرَادُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالْمُطَابَقَةُ وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِعْمَالَيْنِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: ٣٦] الْآيَةَ حَيْثُ أَفْرَدَ فِي قَوْله تَعَالَى مِنْهَا لِرُجُوعِهِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ وَطَابَقَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦] لِرُجُوعِهِ لِلْأَرْبَعَةِ كَذَا قَالَهُ ع ش وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سم الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِكُلِّ فَرْدٍ وَلَا لِلْمَجْمُوعِ. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>