للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً. فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا. وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي صُوَرٍ مِنْهَا مُسْتَوْلَدَةُ الرَّاهِنِ الْمُقْبَضِ الْمُعْسِرِ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَمِنْهَا جَارِيَةُ التَّرِكَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا دَيْنٌ إذَا اسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَوْلَدَ الْجَانِيَةَ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِ الْجِنَايَةِ. وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَوْلَدَ أَمَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ هَذِهِ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ النِّكَاحِ، وَقَالَ: إنَّ الْمِلْكَ إذَا عَادَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إلَى الْمَالِكِ بَعْدَ الْبَيْعِ عَادَ الِاسْتِيلَادُ اهـ. أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ السَّبْيِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَعُودُ الِاسْتِيلَادُ إذَا عَادَتْ لِمَالِكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّا أَبْطَلْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهَا وَلَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ فِيهَا. وَمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَارِثِ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ إعْتَاقِهَا لَمْ يَنْفُذْ لِإِفْضَائِهِ إلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ، وَمَا إذَا اسْتَكْمَلَ الصَّبِيُّ تِسْعَ سِنِينَ فَوَطِىءَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُهُ قَالُوا: وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُ وَاَلَّذِي صَوَّبْنَاهُ الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ وَثُبُوتِ اسْتِيلَادِ أَمَتِهِ فَعَلَى كَلَامِهِمْ تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ لَا اسْتِثْنَاءَ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاخْتُلِفَ فِي نُفُوذِ اسْتِيلَادِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَرَجَّحَ نُفُوذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ سَبَقَ عَنْ الْحَاوِي وَالْغَزَالِيِّ النُّفُوذُ اهـ. وَكَوْنُهُ كَاسْتِيلَادِ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ أَشْبَهَ مِنْ كَوْنِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِالنُّفُوذِ يُشَبِّهُهُ بِالْمَرِيضِ وَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِهِ يُشَبِّهُهُ بِالرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحُرِّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا الْمُكَاتَبُ إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ رَقِيقًا قَبْلَ الْعَجْزِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَبِالْمَاءِ الْمُحْتَرَمِ مَا إذَا كَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَاقِيهَا) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ مَا سَرَى بَلْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مَا أَلْزَمَتْهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعُ بَيْعِهَا وَرَهْنِهَا وَهِبَتِهَا. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ) أَيْ يَزُلْ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي صُوَرٍ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَلَوْ قَالَ: وَمِنْهَا مُسْتَوْلَدَةُ الرَّاهِنِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ وَطْئِهِ حُرٌّ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَمَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ فَرْعِهِ. أَمَّا فَرْعُهُ فَلَا يَمْنَعُ رَهْنَهَا عِنْدَهُ نُفُوذُ الِاسْتِيلَادِ وَلَا تُبَاعُ لِدَيْنِ الْوَلَدِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (تُبَاعُ) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ وَإِلَّا فَلَا تُبَاعُ.

قَوْلُهُ:

(وَهُوَ مُعْسِرٌ) أَيْ السَّيِّدُ وَمِنْ لَازِمِ إعْسَارِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ مَأْذُونِهِ وَفَاءٌ وَقَوْلُهُ: تُبَاعُ فِي دَيْنٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى) اُنْظُرْ وَجْهَ تَسْمِيَتِهَا أُولَى مَعَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَلَعَلَّهَا أُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوَّلِيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا) وَمِثْلُهُ: مَا إذَا نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا قَالَ م ر: وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا أَيْ وَشَرْطُ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِلْمُسْتَوْلَدِ وَقْتَ الِاسْتِيلَادِ أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهَا: إنَّهَا أَمَتُهُ عِنْدَ الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا) أَيْ بَعْدَ وَطْئِهَا لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ. قَوْلُهُ: (وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا) أَيْ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ) مُعْتَمَدٌ. وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَوَّبْنَاهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّ فِيهِ قَلَاقَةً م د. وَقَوْلُهُ: فَرَجَّحَ نُفُوذَهُ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (تُسْتَثْنَى هَذِهِ) أَيْ مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (أَشْبَهَ) يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الشَّبَهِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُبَعْ فِي دَيْنِ الْمُفْلِسِ بِأَنْ اكْتَسَبَ مَالًا وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهَا. أَوْ بِيعَتْ وَمَلَكَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ م د. قَوْلُهُ: (يُشْبِهُهُ بِالرَّاهِنِ) أَيْ فِي أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ كَأَنَّهُ مَرْهُونٌ عَلَى الدُّيُونِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَاتَ رَقِيقًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (الْمُحْتَرَمِ) أَيْ حَالَ خُرُوجِهِ بِأَنْ لَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا تَعْتِقُ بِهِ لِانْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْوُرَّاثُ حَالَ عُلُوقِهَا. ح ل. وَقَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ أَيْ وَالْإِرْثُ لِكَوْنِ مَنِيِّهِ مُحْتَرَمًا حَالَ خُرُوجِهِ. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ إرْثُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَوْتِ. لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُودُ أَصْلِهِ كَوُجُودِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>