للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ الْمُؤَجَّرَ لَمْ تَنْفَسِخْ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ. أُجِيبَ: بِأَنَّ السَّيِّدَ فِي الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْإِجَارَةِ فَإِعْتَاقُهُ يَنْزِلُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَأَمُّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا.

(وَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لِأُمِّ وَلَدِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَقَدِّمِ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْهُ وَالْمَوَانِعُ كَثِيرَةٌ؛ فَمِنْهَا مَا لَوْ أَحْبَلَ الْكَافِرُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَحْبَلَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُكَاتَبَتَهُ وَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَتَهُ. (وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ) وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِعْجَالِ (عَتَقَتْ) بِلَا خِلَافٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إعَارَتُهَا لِنَفْسِهَا وَخَالَفَ شَيْخُنَا م ر.

قَوْلُهُ: (لَوْ مَاتَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَتْ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أُعْتِقَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَالْفَرْقُ تَقَدُّمُ سَبَبِ الْعِتْقِ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ الصِّفَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ فِيهِنَّ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ فَرْقِ الشَّارِحِ. وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَ الْإِيجَارُ الِاسْتِيلَادَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ اهـ. بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ) وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُ) أَيْ حِينَ الْإِعْتَاقِ بَلْ يَمْلِكُهَا الْمُسْتَأْجِرُ. قَوْلُهُ: (مَا يَمْلِكُهُ) : وَهُوَ الرَّقَبَةُ.

قَوْلُهُ: (نَفْسُهَا) أَيْ بِمَنَافِعِهَا.

قَوْلُهُ: (لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْوَطْءُ) الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ الْوَطْءُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ الْمَجْرُورِ فَغَيَّرَ الشَّارِحُ إعْرَابَهُ الظَّاهِرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفًا عَلَى التَّصَرُّفِ أَيْ وَجَازَ لَهُ الْوَطْءُ. قَوْلُهُ: (لِأُمِّ وَلَدِهِ) خَرَجَ بِأُمِّ الْوَلَدِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا فَيَمْتَنِعُ وَطْؤُهُمَا لِقَوْلِهِمْ فِي النِّكَاحِ: وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ بِنْتُهَا وَأُمُّهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَحْبَلَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا قَبْلَ الْإِيلَادِ وَبَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَتَهُ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّسَرِّي لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَلِذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِلُزُومِ الْوَلَاءِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ أَهْلًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ) وَاسْتِرْقَاقُهُ كَمَوْتِهِ وَتَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَعْتَقَهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِقَتْلِهَا) قَدْ اُسْتُشْكِلَ الْعِتْقُ بِالْقَتْلِ وَالْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُورِضَ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ كَحِرْمَانِ قَاتِلِ الْمُورِثِ مِنْ الْإِرْثِ. فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَعْتِقَ بِقَتْلِهِ مُعَاقَبَةً لَهَا بِالْحِرْمَانِ وَمُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ بِقَاتِلِ مُورِثِهِ حَيْثُ مُنِعَ الْإِرْثَ لِذَلِكَ. وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى الْجَوَابِ عَنْ الِاسْتِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْإِيلَادَ كَالْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ سَرَايَتِهِ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَكَمَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَضُرُّ فِيهِ قَتْلُ الْعَتِيقِ لِمُعْتَقِهِ. كَذَلِكَ الْإِيلَادُ لَا يَرْفَعُ أَثَرَهُ قَتْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِسَيِّدِهَا وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي جَوَابِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حُصُولِ نَفْسِ الْعِتْقِ وَحُصُولِ سَبَبِهِ فَقَطْ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْعِتْقِ حَظًّا لِلْمَقْتُولِ أَيْ وَهُوَ حُصُولُ ثَوَابِ الْعِتْقِ بِسَبَبِ إحْبَالِهِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ فِيهِ لِلْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا أَخَذَهُ وَرَثَتُهُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ جَمَعَهُ بِقَصْدِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ كَذَا قَالَهُ ح ل فِي خَتْمِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ صُوَرٌ أُخَرُ قَدْ ذَكَرَهَا الدَّيْرَبِيُّ فِي خَتْمِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ مُشْكِلَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَتِيلَ إنَّمَا مَاتَ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ، لَا أَنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ أَجَلَهُ بِقَتْلِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: قَبْلَ أَوَانِهِ. وَإِنَّمَا شُرِعَ الْقِصَاصُ لِلزَّجْرِ وَلِئَلَّا يُقْدِمَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْفَظِيعِ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ مَا ذُكِرَ اسْتِعْجَالٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. اهـ. دَيْرَبِيٌّ. فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْأَنْسَبُ بِالتَّرْجَمَةِ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ بَدَلَ قَوْلِهِ: عَتَقَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ. قُلْت: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>