للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ، أَمَّا مَنِيُّ غَيْرِهِ أَوْ مَنِيُّهُ إذَا عَادَ فَيَنْقُضُ خُرُوجُهُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ، نَعَمْ لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا انْتَقَضَ وُضُوءُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مُنْعَقِدٌ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ غَيْرِهَا، وَأَمَّا خُرُوجُ بَعْضُ الْوَلَدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تُخَيَّرُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَنِيِّهَا فَقَطْ أَوْ مِنْ مَنِيِّهِ فَقَطْ، وَلَوْ انْسَدَّ فَرْجُهُ الْأَصْلِيُّ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ وَانْفَتَحَ مَخْرَجٌ بَدَلُهُ تَحْتَ مَعِدَتِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَفْصَحِ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الصَّدْرِ كَمَا قَالَهُ الْأَطِبَّاءُ وَالْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ هَذِهِ حَقِيقَتُهَا. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمُعْتَادُ خُرُوجُهُ كَبَوْلٍ، أَوْ النَّادِرُ كَدُودٍ وَدَمٍ نَقَضَ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ، فَكَمَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ الْمُعْتَادَ وَالنَّادِرَ فَكَذَلِكَ هَذَا أَيْضًا، وَإِنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ أَوْ فَوْقَهَا وَالْأَصْلِيُّ مُنْسَدٌّ أَوْ تَحْتَهَا وَالْأَصْلِيُّ مُنْفَتِحٌ فَلَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

السَّلِسِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وُضُوءٌ مَعَ جَنَابَةٍ وَهُوَ يَصِحُّ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْغُسْلِ مِنْهَا. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: إنَّمَا قُصِرَ التَّصْوِيرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ بِخِلَافِ مَنِيِّ السَّلِيمِ، فَإِنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِلْزَامُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ. اهـ. وَقَرَّرَ مَشَايِخُنَا. أَنَّ قَوْلَهُ (فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الْعِلَّةِ) أَيْ إنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ وَلَدَتْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ. وَغَرَضُهُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ إنَّ نُزُولَ الْمَنِيِّ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَصِرْ الْمَنِيُّ حَيَوَانًا جَافًّا، وَإِلَّا فَيُوجِبُ الْغُسْلَ وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ وَلَوْ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (انْتَقَضَ وُضُوءُهَا) أَيْ مَعَ إيجَابِ الْغُسْلِ وَتُفْطِرُ بِهِ لَوْ كَانَتْ صَائِمَةً اتِّفَاقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهَا وَلِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا عَقِبَهُ قَبْلَ غُسْلِهَا ق ل وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلَ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَهُوَ وَإِنْ انْعَقَدَ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ لَكِنَّهُ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى سَائِرَ أَحْكَامِهِ. اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَدًا جَافًّا) أَيْ أَوْ مُضْغَةً جَافَّةً كَمَا فِي ع ش.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا خُرُوجُ بَعْضِ الْوَلَدِ إلَخْ) وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ إلَّا إذَا تَمَّ خُرُوجُهُ، وَقِيلَ لَزِمَهَا الْغُسْلُ مُطْلَقًا. اهـ ق ل. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَنِيِّهَا فَقَطْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ الْوَلَدِ إلَّا وَهُوَ مِنْ مَنِيِّهَا، وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ أَلْقَتْ بَعْضَ وَلَدٍ كَيَدٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهَا وَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا. اهـ. أَيْ: فَإِنْ أَلْقَتْ بَاقِيَهُ، وَنُسِبَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَتَبَيَّنَ وُجُوبُ الْغُسْلِ، وَعَدَمُ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ مُتَفَاصِلَةً بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَإِنَّ خُرُوجَ كُلَّ مِنْهَا نَاقِضٌ وَيَجِبُ الْغُسْلُ بِالْأَخِيرِ لِتَمَامِ انْفِصَالِهِ، وَلَوْ خَرَجَ نَاقِصًا عُضْوًا نَقْصًا عَارِضًا كَأَنْ انْقَطَعَتْ يَدُهُ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ خُرُوجِهِ وَتَوَقَّفَ الْغُسْلُ عَلَى خُرُوجِهَا كَذَا قَرَّرَهُ م ر. وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي الْأَخِيرَةِ عَدَمَ تَوَقُّفِ الْغُسْلِ عَلَى خُرُوجِهَا؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الْوِلَادَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَنِيِّهَا) أَيْ فَيَجِبُ الْغُسْلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ مَنِيِّهِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْسَدَّ) أَيْ انْسِدَادًا عَارِضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالِانْسِدَادِ، وَحِينَئِذٍ يُعْطَى الثَّقْبُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ النَّقْضُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فِيهِ وَعَدَمُ النَّقْضِ بِنَوْمِهِ مُمَكِّنًا لَهُ اهـ. ح ل وح ف.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِانْسِدَادِ الِالْتِحَامَ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِيلَاجُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَانْفَتَحَ مَخْرَجٌ) أَرَادَ بِهِ الْجِنْسَ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الصَّدْرِ) عِبَارَةُ: م ر: وَالْمَعِدَةُ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ. اهـ. وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْإِنْسَانِ رَأْسُهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ) أَيْ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ بَدَنِهِ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ، وَشَمِلَ الْمَخْرَجُ الْمُنْفَتِحُ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ مِنْ أَمَامٍ أَوْ خَلْفٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (الْخَارِجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَهَا) بَقِيَ مَا لَوْ انْفَتَحَ وَاحِدٌ تَحْتَهَا وَآخَرُ فَوْقَهَا. وَالْوَجْهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا تَحْتَهَا وَلَوْ انْفَتَحَ اثْنَانِ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْسَدٌّ فَهَلْ يَنْقُضُ خَارِجُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ . إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْأَصْلِيِّ مِنْ الْآخَرِ، فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ اُنْظُرْ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْزِيلًا لَهُمَا مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّيْنِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَوَاشِي الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي الثُّقْبِ فَيَشْمَلُ الْمُتَحَاذِيَةَ وَمَا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلِيُّ مُنْسَدٌّ) أَيْ انْسِدَادًا عَارِضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>