فَوْقَهَا لَا يَكُونُ مِمَّا أَحَالَتْهُ الطَّبِيعَةُ؛ لِأَنَّ مَا تُحِيلُهُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ فَهُوَ بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِ الْحَادِثِ مُخْرِجًا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ وَحَيْثُ أَقَمْنَا الْمُنْفَتِحَ كَالْأَصْلِيِّ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهُ، فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ، وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ، وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ فَوْقَ الْعَوْرَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ، أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ وَالْإِيلَاجِ فِيهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ إنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالِانْسِدَادِ يُشْعِرُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: وَخَرَجَ بِالْمُنْفَتِحِ مَا لَوْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الْمَنَافِذِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْفَمِ وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.
(وَالثَّانِي) مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ. (النَّوْمُ) وَهُوَ اسْتِرْخَاءُ أَعْصَابُ الدِّمَاغِ بِسَبَبِ رُطُوبَاتِ الْأَبْخِرَةِ الصَّاعِدَةِ مِنْ الْمَعِدَةِ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ إذَا كَانَ (عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ) وَعَلَى هَذَا إذَا نَامَ مُتَمَكِّنًا لِذَلِكَ وَخَرَجَ مِنْهُ الْخَارِجُ وَكَانَ مُتَوَضِّئًا، وَمَكَثَ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ لَا يَمَسُّ فِيهَا فَرْجًا وَلَا امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ بِذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا: شَخْصٌ مَكَثَ نَحْوَ سِتِّينَ سَنَةً يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْخَارِجُ وَيَنَامُ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ. وَصُورَتُهُ: مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ أَوْ فَوْقَهَا، وَالْأَصْلِيُّ مُنْسَدٌّ انْسِدَادًا عَارِضًا أَوْ تَحْتَهَا، وَالْأَصْلِيُّ مُنْفَتِحٌ فَلَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ. اهـ خ ض. وَانْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِالتَّمْكِينِ لِلْمُنْفَتِحِ مِنْ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ لَا يَنْقُضُ وَالْأَصْلِيُّ مُنْسَدٌّ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا غَيْرَهُ) كَالْحَدِّ.
قَوْلُهُ: (بِإِيلَاجٍ فِيهِ) أَيْ مَعَ جَوَازِهِ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا زَوْجٌ وَطِئَ وَطْئًا جَائِزًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اط ف.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ: وَلَا يَحْرُمُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُنْفَتِحَ فَوْقَ الْعَوْرَةِ يَنْقُضُ الْخَارِجَ مِنْهُ، وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ التَّابِعِ لِشَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ التَّفْرِيعُ عَلَى الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ. وَلَنَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ قَائِلٌ بِأَنَّ الثُّقْبَ إذَا كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا يَنْقُضُ، فَلَا تَثْبُتُ لَهُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ لِلْأَصْلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. فَرْعٌ: لَوْ خُلِقَ إنْسَانُ بِلَا دُبُرٍ وَلَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ بَدَلُهُ فَهَلْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِنَوْمِهِ؟ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ؛ لِأَنَّ نَفْسَ النَّوْمِ نَاقِضٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَقَضَ النَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ اسْتَقْرَبَ ع ش الثَّانِي فَرَاجِعْهُ. اهـ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْفِطْرِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ بِهِ، وَحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ وَوُجُوبِ سَتْرِهِ عَنْ الْأَجَانِبِ وَفِي الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي الْجَبْهَةِ وَتَبْطُلُ بِكَشْفِهِ ق ل. وَعِبَارَةُ ح ل: وَلَوْ كَانَ فِي جَبْهَتِهِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ سِتْرِهِ هَلْ يَجِبُ كَشْفُهُ عِنْدَ السُّجُودِ أَوْ لَا؟ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ مَسْتُورًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ السُّجُودُ مَعَ الْحَائِلِ بِعُذْرٍ كَجِرَاحَةٍ يَشُقُّ إزَالَةُ عِصَابَتِهَا الْأَقْرَبُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمُنْفَتِحِ) أَيْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ فِي قَوْلِهِ مَا لَوْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ بِذَلِكَ) خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقُضَ مُجَرَّدُ التَّنَفُّسِ وَالْجُشَاءِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَكَذَا رِيقٌ وَبَلْغَمٌ نَزَلَ مِنْ الدِّمَاغِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّدْرِ لِعَدَمِ خُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعِدَةِ ح ل. فَائِدَةٌ: وُجِدَ بِخَطِّ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: «أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ الْإِنْسَانِ الْفَرْجَ وَقَالَ: هَذِهِ أَمَانَتِي عِنْدَك فَلَا تَضَعْهَا إلَّا فِي حَقِّهَا» . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْوَرَعِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
قَوْلُهُ: (النَّوْمُ إلَخْ) إفْرَادُهُ عَنْ زَوَالِ الْعَقْلِ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَلِمُخَالَفَةِ حُكْمِهِ لِمَا عَدَاهُ مِنْ النَّوَاقِضِ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ حَالَتَانِ: حَالَةُ نَقْضٍ وَحَالَةُ عَدَمِهِ ع ش مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ اسْتِرْخَاءُ أَعْصَابِ الدِّمَاغِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَحَقِيقَةُ النَّوْمِ رِيحٌ أَيْ