صُوَرُ الِالْتِقَاءِ فَأُلْحِقَ بِهِ بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِبَطْنِ الْكَفِّ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ، وَاللَّمْسُ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَفِي مَعْنَاهَا اللَّحْمُ كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ وَاللِّسَانِ وَاللِّثَةِ وَبَاطِنِ الْعَيْنِ، وَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْبَشَرَةِ حَائِلٌ وَلَوْ رَقِيقًا. نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ عَلَى الْبَشَرَةِ مِنْ الْعَرَقِ فَإِنَّ لَمْسَهُ يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْبَدَنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غُبَارٍ، وَالسِّنُّ وَالشَّعْرُ وَالظُّفُرُ كَمَا سَيَأْتِي وَبِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُلَانِ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْخُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا وَلِاحْتِمَالِ النَّوَافِلِ فِي صُورَةِ الْخُنْثَى، وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَشْتَهِي لَا الْبَالِغُ، وَبِالْمَرْأَةِ الْأُنْثَى إذَا بَلَغَتْ كَذَلِكَ لَا الْبَالِغَةُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ لَمَسَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا جِنِّيًّا أَوْ الرَّجُلُ امْرَأَةً جِنِّيَّةً هَلْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْآدَمِيِّ أَوْ لَا؟ يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ مُنَاكَحَتِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ يَأْتِي فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ مَحْرَمٍ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الشَّارِحِ ثَانِيًا عَلَى الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِبَطْنِ الْكَفِّ) . الْحَاصِلُ: أَنَّ اللَّمْسَ يُفَارِقُ الْمَسَّ فِي أُمُورٍ سِتَّةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَخْتَصُّ بِعُضْوٍ بِخِلَافِ الْمَسِّ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اللَّمْسِ مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْمَسِّ يَحْصُلُ بِمَسِّ فَرْجِ نَفْسِهِ. ثَالِثُهَا: أَنَّ الْفَرْجَ الْمُبَانَ يَنْقُضُ مَسُّهُ بِخِلَافِ الْعُضْوِ الْمُبَانِ. رَابِعُهَا: أَنْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ اللَّامِسِ وَالْمَلْمُوسِ، بِخِلَافِ الْمَسِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْمَاسِّ. خَامِسُهَا: أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِمَسِّ فَرْجِ الْمَحْرَمِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِلَمْسِهَا. سَادِسُهَا: اشْتِرَاطُ الْكِبَرِ فِي اللَّمْسِ دُونَ الْمَسِّ.
قَوْلُهُ: (ظَاهِرُ الْجِلْدِ) خَرَجَ بِهِ السِّنُّ وَالظُّفُرُ وَالشَّعْرُ الْآتِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ إخْرَاجَ بَاطِنِ الْجِلْدِ مَعَ اتِّصَالِهِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهَا) أَيْ الْبَشَرَةِ اللَّحْمُ أَيْ، وَإِنْ كُشِطَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَاللِّثَةِ) عَطْفُ جُزْءٍ عَلَى كُلٍّ إذْ اللِّثَةُ بَعْضُ لَحْمِ الْأَسْنَانِ إذْ هِيَ مَا عَلَى الثَّنَايَا وَمَا حَوْلَهَا فَقَطْ ع ش. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ اللَّحْمُ الَّذِي نَبَتَتْ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ فَعَطْفُهُ عَلَى لَحْمِ الْأَسْنَانِ عَطْفُ مُرَادِفٍ.
قَوْلُهُ: (وَبَاطِنِ الْعَيْنِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّهُ لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ م ر. وَأَمَّا الْعَظْمُ إذَا وَضَحَ فَيَنْقُضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَشَرَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَرْحُومِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ حَائِلٍ أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَسَخَ إذَا كَانَ مِنْ الْعَرَقِ يَصِيرُ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يَمْنَعُ الْإِحْسَاسَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ الْغُبَارِ فَإِنَّهُ جِرْمٌ مُنْفَصِلٌ يَمْنَعُ فَافْتَرَقَا وَسَقَطَ قَوْلُ ق ل: لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَسَخَ مِنْ الْغُبَارِ فَقَوْلُهُمْ بِالنَّقْضِ فِي الْوَسَخِ مِنْ الْعَرَقِ دُونَ الْغُبَارِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ إنْ صَارَ حَائِلًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَنْقُضُ، وَإِلَّا نَقَضَ وَكَالْعَرَقِ بِالْأَوْلَى فِي النَّقْضِ مَا يَمُوتُ مِنْ جِلْدِ الْإِنْسَانِ بِحَيْثُ لَا يُحِسُّ بِلَمْسِهِ، وَلَا يَتَأَثَّرُ بِنَحْوِ غَرْزِ إبْرَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ حَقِيقَةً فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَنْقُضُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَالسِّنُّ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلٍ خَرَجَ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا مَا إذَا كَانَ مِنْ غُبَارٍ، وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ بِلَمْسِهَا كَمَا ذَكَرِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ خُرُوجًا مِنْ الْقَوْلِ بِالنَّقْضِ بِهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَتَانِ) وَلَوْ الْتَذَّتَا بِاللَّمْسِ وَكَانَ عَادَتُهُمَا السِّحَاقَ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَيَانِ إلَخْ) . نَعَمْ لَوْ اتَّضَحَ الْخُنْثَى مِمَّا يَقْتَضِي النَّقْضَ عُمِلَ بِهِ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ لَامَسَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَى) أَلِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَصْرُوفٍ وَالضَّمَائِرُ الْعَائِدَةُ عَلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا مُذَكَّرَةً، وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ شَخْصٌ صِفَتُهُ كَذَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ إلَخْ) أَيْ لَا خُصُوصُ الْبَالِغِ كَمَا هُوَ أَحَدُ إطْلَاقَيْهِ وَلَا الذَّكَرُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ إطْلَاقُهُ الْآخَرُ ع ش.
قَوْلُهُ: (عَلَى صِحَّةِ مُنَاكَحَتِهِمْ) وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر جَوَازُ النِّكَاحِ فَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ لِلْآدَمِيِّ وَالْجِنِّيِّ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْجِنِّيُّ عَلَى صُورَةِ الْبَهِيمَةِ فَلَا نَقْضَ بِلَمْسِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا اهـ. ق ل.
قَالَ الْمَدَابِغِيُّ: الْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ مُنَاكَحَتِهِمْ وَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِهِمْ إذَا تَحَقَّقَتْ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَتْ عَلَى صُورَةِ كَلْبَةٍ نَقَضَ لَمْسُهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بِالتَّصَوُّرِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَقِيقَتِهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ تَصَوَّرَتْ فِي صُورَةِ كَلْبَةٍ مَثَلًا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ سم. وَإِذَا قُلْت بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْجِنِّ هَلْ يُجْبِرُهَا عَلَى