للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا أَوْ مَنْ أَحَدِهِمَا وَحَاضَ مِنْ الْآخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْكَمًا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ مُسْتَحْكَمًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ، وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ، فَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ فِي فَصْلِ الْحَدَثِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَالْخِلْقِيِّ كَمَا فَرَّقَ هُنَاكَ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ. قَالَ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: ٧] أَيْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ خَرَجَ غَيْرُ الْمُسْتَحْكَمِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ، فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَا يَجِبُ بِخُرُوجِ مَنِيِّ غَيْرِهِ مِنْهُ وَلَا بِخُرُوجِ مَنِيِّهِ مِنْهُ بَعْدَ اسْتِدْخَالِهِ، وَيُعْرَفُ الْمَنِيُّ بِتَدَفُّقِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ بِدَفَعَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦] وَسُمِّيَ مَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَى أَيْ يُصَبُّ. أَوْ لَذَّةٍ بِخُرُوجِهِ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ وَانْكِسَارِ الشَّهْوَةِ عَقِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ أَوْ خَرَجَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ رِيحِ عَيْنِ حِنْطَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ رِيحِ طَلْعٍ رَطْبًا أَوْ رِيحِ بَيَاضِ بَيْضِ دَجَاجٍ أَوْ نَحْوِهِ جَافًّا، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَتَدَفَّقْ كَأَنْ خَرَجَ بَاقِي مَنِيِّهِ بَعْدَ غُسْلِهِ، أَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ مَنِيُّ جِمَاعِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا فَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إلَّا إنْ قَضَتْ شَهْوَتَهَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ خَنَّثَهُ غَيْرُهُ إذَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَاوَةً فَالرَّجِل مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَالْخُنْثَى الَّذِي خُلِقَ لَهُ فَرْجُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ الْمَرْأَةِ وَالْجَمْعُ خِنَاثٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَخَنَاثَى مِثْلُ حُبْلَى وَحَبَالَى. اهـ.

وَمَعْنَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَيْ الْمُلْتَبِسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَتْ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ وَعَلَامَاتُ النِّسَاءِ الْتَبَسَ أَمْرُهُ فَسُمِّيَ مُشْكِلًا. قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ يُقَالُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا الْآدَمِيَّ وَالْإِبِلَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَيَكُونُ فِي الْبَقَرِ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَالُوا إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةً خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَسَأَلُوا عَنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِهِ فَقُلْت لَهُمْ إنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ فِيهَا نَقْصُ اللَّحْمِ وَأَفْتَيْتُهُمْ فِيهِ. اهـ.

قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا وَأَمَّا إذَا أَمْنَى مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْكَمًا وَقَوْلُنَا إنَّ الْمَنِيَّ إذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَكَانَ مُسْتَحْكَمًا وَجَبَ الْغُسْلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ مُنْفَتِحًا فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَهُنَا فِي صُورَةِ الْخُنْثَى مُنْفَتِحٌ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ مُسْتَحْكَمًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ الْخَارِجُ لَا لِعِلَّةٍ فَإِنْ خَرَجَ لِأَجْلِ عِلَّةٍ كَمَرَضٍ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْكَمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُسْتَحْكَمْ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ الِاسْتِحْكَامُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تُوجَدَ فِيهِ بَعْضُ خَوَاصِّهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ الْخَالِصِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَوَاصِّهِ فَلَيْسَ بِمَنِيٍّ كَمَا عُرِفَ

قَوْلُهُ وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ أَوْ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ قَوْلُهُ فَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ صَوَابُهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ إذْ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ مَعْدِنَ الْمَنِيِّ س ل وَالصُّلْبُ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى مُنْتَهَى الظَّهْرِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ كَأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ الْأَوْلَى بِأَنْ خَرَجَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر لِأَنَّهُ تَصْوِيرٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَحْكَمِ وَلَا فَرْدَ لَهُ غَيْرُهُ قَوْلُهُ بِدَفَعَاتٍ جَمْعُ دَفْعَةٍ بِالْعَيْنِ قَوْلُهُ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ق ل قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ عُطِفَ عَلَى الْغَايَةِ قَوْلُهُ رَطْبًا هُوَ وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَتَدَفَّقْ هَذَا رَدٌّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ إلَّا بِقَيْدَيْنِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ وَعِبَارَتُهُ وَفُرِضَ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ مَنِيٍّ إلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ وَلَكِنْ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّدَفُّقُ وَالْآخَرُ الشَّهْوَةُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ خُرُوجُهُ كَيْفَمَا كَانَ يُوجِبُ الْغُسْلَ

قَوْلُهُ مَنِيُّ جِمَاعِهَا التَّقْيِيدُ بِالْجِمَاعِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَضَتْ وَطَرَهَا بِمَعْنَى اسْتَدْخَلَتْهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ م ر قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>