للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا إلَّا بِالنَّقْضِ، لَكِنْ يُعْفَى عَنْ بَاطِنِ الشَّعْرِ الْمَعْقُودِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ النَّابِتِ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ لِغِلَظِهَا.

(وَ) إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ (الْبَشَرَةِ) حَتَّى الْأَظْفَارِ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَمَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ وَمَوْضِعِ شَعْرٍ نَتَفَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ.

قَالَ الْبَغَوِيّ: وَمِنْ بَاطِنِ جُدَرِيٍّ اتَّضَحَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَرُوِيَ: «أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنَا لِمَاذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَهُمَا أَقْذَرُ مِنْ النُّطْفَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَكَلَ حَبَّاتٍ مِنْ الشَّجَرَةِ وَتَحَوَّلَ سَرَيَانُهَا فِي عُرُوقِهِ وَشَعْرِهِ وَسُرَّتِهِ، فَإِذَا جَامَعَ الْإِنْسَانُ نَزَلَ الْمَنِيُّ مِنْ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ فَافْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي شُكْرًا لِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنْ اللَّذَّةِ الَّتِي يُصِيبُهَا مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَنِيِّ قَالُوا لَهُ صَدَقْت يَا مُحَمَّدُ» . كَذَا رَأَيْته لِبَعْضِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُفَ) إنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْكَثِيفِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ هُنَا لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ، بَلْ رُبَّمَا تَكَرَّرَ كُلَّ وَقْتٍ فَخُفِّفَ فِيهِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُعْفَى عَنْ بَاطِنِ الشَّعْرِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ يُعْفَى حَتَّى عَنْ كَثِيرِهِ، وَأَمَّا مَا تَعَقَّدَ بِفِعْلِهِ فَقَالَ حَجّ وسم: لَا يُعْفَى عَنْهُ أَصْلًا. وَقَالَ ق ل: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَيُعْفَى أَيْضًا عَمَّا تَحْتَ طُبُوعٍ عَسُرَ زَوَالُهُ، أَوْ حَصَلَتْ لَهُ بِإِزَالَتِهِ مُثْلَةٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ عَنْ مَحَلِّهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْإِطْفِيحِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ عُقَدِهِ إنْ تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرَ صَاحِبُهُ بِأَنْ لَمْ يُتَعَهَّدْ بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ تَعَهُّدَهُ، أَمَّا إذَا تَعَقَّدَ بِفِعْلِهِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِهِ ع ش. قَالَ ق ل: وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَثَلًا شَيْءٌ، وَلَوْ وَاحِدَةً بِلَا غَسْلٍ، ثُمَّ أَزَالَهَا بِقَصٍّ أَوْ نَتْفٍ مَثَلًا لَمْ يَكْفِ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ مَوْضِعِهَا. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: فَلَوْ غَسَلَ أُصُولَ شَعْرِهِ دُونَ أَطْرَافِهِ بَقِيَتْ الْجَنَابَةُ فِيهَا وَارْتَفَعَتْ عَنْ أُصُولِهَا، فَلَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ الْآنَ أَوْ قَصَّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَمْ يَغْسِلْهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَغْسِلْ الْأُصُولَ، أَوْ غَسَلَ ثُمَّ قَصَّ مِنْ الْأَطْرَافِ مَا يَنْتَهِي لِحَدِّ الْمَغْسُولِ بِلَا زِيَادَةٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْحَلْقِ أَوْ الْقَصِّ لِبَقَاءِ جَنَابَتِهِ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَجْزَاءُ الْبَشَرَةِ) أَيْ ظَاهِرُهَا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى الْأَظْفَارِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْبَشَرَةِ مَا يَشْمَلُ الْأَظْفَارَ بِخِلَافِ نَقْضِ الْوُضُوءِ، فَالْبَشَرَةُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النَّاقِضِ فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ بِكْرًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ عُدَّ مِنْ الظَّاهِرِ وَبَيْنَ دَاخِلِ الْفَمِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ الْبَاطِنِ بِأَنَّ بَاطِنَ الْفَمِ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يَظْهَرُ فِيهَا تَارَةً وَيَسْتَتِرُ فِيهَا أُخْرَى، وَمَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ جَلَسَتْ عَلَى قَدَمَيْهَا، وَيَسْتَتِرُ فِيمَا لَوْ قَامَتْ، أَوْ قَعَدَتْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، فَكَانَ كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَهُوَ مِنْ الظَّاهِرِ فَعُدَّتْ مِنْهُ فَوَجَبَ غَسْلُهَا دَائِمًا كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ دَاخِلِ الْفَمِ ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ مِنْ الْأَقْلَفِ) لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ، وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهَا فَمَا تَحْتَهَا كَالظَّاهِرِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْقُلْفَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا مَا يَقْطَعُهُ الْخَاتِنُ مِنْ ذَكَرِ الْغُلَامِ، وَيُقَالُ لَهَا: غُرْلَةُ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ غَسْلِ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا وَجَبَ إزَالَتُهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا يَتَيَمَّمُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَإِذَا مَاتَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ م ر. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُغَسَّلُ وَيُيَمَّمُ بَدَلًا عَنْ مَحَلِّ الْقُلْفَةِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (نَتْفُهُ قَبْلَ غَسْلِهِ) أَوْ شَوْكَةٌ لَوْ قُلِعَتْ بَقِيَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>