للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَائِدَةٌ: لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أُنْمُلَةً أَوْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ مِنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَمِنْ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ وَالْأَنْفِ بِالْقَطْعِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْمُعَذِّرِ فَصَارَتْ الْأُنْمُلَةُ وَالْأَنْفُ كَالْأَصْلِيِّينَ، وَلَا يَجِبُ فِي الْغُسْلِ مَضْمَضَةٌ، وَلَا اسْتِنْشَاقٌ، بَلْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الْمَيِّتِ.

(وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ كَثِيرَةٌ الْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا (خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) . وَسَأَذْكُرُ مِنْهَا أَشْيَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ: الْأُولَى (التَّسْمِيَةُ) مَقْرُونَةً بِالنِّيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَجْمُوعُ هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ أَكْمَلُهَا.

(وَ) الثَّانِيَةُ (الْوُضُوءُ) كَامِلًا (قَبْلَهُ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ: وَسَوَاءٌ أَقَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ أَمْ بَعْضَهُ أَمْ أَخَّرَهُ أَمْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُهُ.

ثُمَّ إنْ تَجَرَّدَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ كَأَنْ احْتَلَمَ، وَهُوَ جَالِسٌ مُتَمَكِّنٌ نَوَى سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِلَّا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَوْرَاجٌ.

قَوْلُهُ: (جُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبِفَتْحِهِمَا.

قَوْلُهُ: (اتَّضَحَ) بِأَنْ صَارَ بَاطِنُهُ مُثَقَّبًا.

قَوْلُهُ: (أُنْمُلَةً أَوْ أَنْفًا) وَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ رِجْلًا أَوْ يَدًا مِنْ خَشَبٍ ق ل. قَوْلُهُ: (وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ) أَيْ إنْ الْتَحَمَ. قَوْلُهُ: (كَالْأَصْلِيَّيْنِ) أَيْ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِمَا لَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ ذَلِكَ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَهُمَا اج مَعَ زِيَادَةٍ لِسُلْطَانٍ. وَقَالَ م ر: تَكْفِي اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ فِي الْغُسْلِ مَضَمْضَةٌ) أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا وَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ. قَالَ م ر: لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا إنْ كَانَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ أَيْ: بَلْ الثَّابِتُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفِعْلُ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِشَيْءٍ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُسَنُّ) أَيْ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً، وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ لِلْغُسْلِ وَلَمْ يُغْنِ الْوُضُوءُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِوُجُوبِ كِلَيْهِمَا كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مَطْلُوبَانِ لِلْغُسْلِ زِيَادَةً عَلَى الْوُضُوءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا، وَتَرْكُهُمَا مَكْرُوهٌ كَتَرْكِ الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (وَسُنَنُهُ أَيْ الْغُسْلِ) فِيهِ تَغْيِيرٌ لِإِعْرَابِ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ: كَثِيرَةٌ الَّذِي قَدَّرَهُ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ: وَسُنَنُهُ، وَجَعَلَ: " خَمْسَةٌ " خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالشَّارِحُ يَرْتَكِبُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرًا. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا حَلُّ مَعْنَى لَا حَلُّ إعْرَابٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِعْرَابَ وَهُوَ تَغْيِيرُ أَوَاخِرِ الْكَلِمِ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِأَنَّ الرَّفْعَ عَلَى حَالِهِ.

قَوْلُهُ: (التَّسْمِيَةُ) وَيُقْصَدُ بِهَا الذِّكْرُ. قَوْلُهُ: (مَقْرُونَةٌ بِالنِّيَّةِ) أَيْ الْقَلْبِيَّةِ، وَإِلَّا فَيُتَعَذَّرُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنِّيَّةِ اللَّفْظِيَّةِ مَعًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ بَيَانُ أَكْمَلِهَا أَيْ وَهُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّهَا قُرْآنٌ اهـ سم نَقْلًا عَنْ الْجَوَاهِرِ اج. وَيُسَنُّ لَهُ الذِّكْرُ بَعْدَهَا كَالْوُضُوءِ م د. وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ ضَعِيفٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا قُرْآنٌ فِيهِ شَيْءٌ إذَا كَانَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْحُرْمَةَ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (كَامِلًا) وَقِيلَ: يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إلَّا رِجْلَيْهِ أَخَّرَهُمَا عَنْ الْغُسْلِ» م ر. وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ كَامِلًا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَقَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ) لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَهَلْ يَنْوِي بِالْوُضُوءِ الْفَرِيضَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَبْلَهُ أَوْ يَنْوِي بِهِ السُّنَّةَ لِأَنَّ وُضُوءَهُ انْدَرَجَ فِي الْغُسْلِ. الْجَوَابُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ نَوَى بِهِ الْفَرِيضَةَ، وَإِلَّا نَوَى بِهِ السُّنَّةَ فَيَقُولُ: نَوَيْت سُنَّةَ الْوُضُوءِ لِلْغُسْلِ، وَكَذَا يَقُولُ: إذَا قَدَّمَهُ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ وَإِلَّا فَنِيَّةٌ مُعْتَبَرَةٌ. اهـ. ابْنُ شَرَفٍ.

قَوْلُهُ: (نَوَى سُنَّةَ الْغُسْلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الْوُضُوءَ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ، أَوْ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ لِلْغُسْلِ، أَوْ يَقُولَ: نَوَيْت الْوُضُوءَ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ سُنَّةَ الْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وُضُوءٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الطَّهَارَةَ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وُضُوءٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الطَّهَارَةَ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ، وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ نِيَّةُ رَفْعِ الْمَنْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ، وَهَذَا مَحَلُّهُ إذَا قَدَّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ أَمَّا إذَا أَخَّرَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، وَإِلَّا نَوَى سُنَّةَ الْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ ح ل. وزي وَفَائِدَةُ بَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ بِنِيَّتِهِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>