عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالْغُسْلِ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْأَصَحِّ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ وَقْتَ الْغُسْلِ بَعْدَ إسْلَامِهِ لِتَصِحَّ النِّيَّةُ، وَلِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَأْخِيرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَهُ بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ تَكْفِيرُ مَنْ قَالَ لِكَافِرٍ جَاءَهُ لِيُسْلِمَ: اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ ثُمَّ أَسْلِمْ لِرِضَاهُ بِبَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ تِلْكَ اللَّحْظَةَ.
(وَ) التَّاسِعُ غُسْلُ (الْمَجْنُونِ) وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ
(وَ) الْعَاشِرُ غُسْلُ (الْمُغْمَى عَلَيْهِ) وَلَوْ لَحْظَةً (إذَا أَفَاقَا) وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُمَا إنْزَالٌ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْإِغْمَاءِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي مَعْنَاهُ الْجُنُونُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُقَالُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأَنْزَلَ.
(وَ) الْحَادِيَ عَشَرَ (الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا، وَلَوْ فِي حَالِ حَيْضِ الْمَرْأَةِ وَنِفَاسِهَا.
(وَ) الثَّانِي عَشَرَ الْغُسْلُ (لِدُخُولِ مَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ وَلَوْ كَانَ حَلَالًا عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْأُمِّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ أَغْسَالِ الْحَجِّ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ.
(وَ) الثَّالِثَ عَشَرَ الْغُسْلُ (لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِنَمِرَةَ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غَيْرِهَا، وَقَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ، لَكِنَّ تَقْرِيبَهُ لِلزَّوَالِ أَفْضَلُ كَتَقْرِيبِهِ مِنْ ذَهَابِهِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلِهِ: وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ.
قَوْلُهُ: (تَكْفِيرُ مَنْ قَالَ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، أَمَّا هُوَ فَلَا. وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا بِهَا إذَا سَأَلَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ الشَّهَادَةَ قِيَاسًا عَلَى إنْقَاذِ الْغَرِيقِ، بَلْ هَذَا أَعْظَمُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْقَاذًا مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَزِيزِيُّ، وَأَمَّا إذَا جَاءَهُ شَخْصٌ لِيَتُوبَ فَأَمَرَهُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الذَّنْبِ وَاجِبَةٌ فِي الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ الْإِغْمَاءُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَعَمَّدَهُ. وَغَيْرِهِ وَفِي حَاشِيَةِ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ السَّكْرَانُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَجَازًا اهـ. وَيُقَيَّدُ الْإِغْمَاءُ بِغَيْرِ إغْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، أَمَّا هُوَ فَإِنَّهُ، وَإِنْ جَازَ عَلَيْهِمْ وَوَقَعَ لَهُمْ لَا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُمْ فَلَا يُسَنُّ مِنْهُ الْغُسْلُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: «إنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ» وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَدْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ نَدْبِ الْغُسْلِ لِلْجُنُونِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْإِنْزَالِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي غُسْلِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غُسْلَانِ.
قَوْلُهُ: (قَلَّ مَنْ جُنَّ) قَلَّ مَعْنَاهَا النَّفْيُ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ كَالْمَعْدُومِ، وَالتَّقْدِيرُ مَا شَخْصٌ جُنَّ إلَّا اشْتَهَى، وَأَنْزَلَ أَيْ غَالِبًا، فَقَوْلُهُ: وَأَنْزَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: قَلَّ مَنْ جُنَّ، وَلَمْ يُنْزِلْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا وَأَنْزَلَ) . فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ وَاجِبًا عَمَلًا بِالْمَظِنَّةِ كَالْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الرِّيحِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ عَدَمُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَا عَلَامَةَ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِمُشَاهَدَتِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْجُنُونَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهُ ح ل. وَلَمْ يُسَنَّ الْغُسْلُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْ النَّوْمِ لِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ. فَخَفَّفَ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْإِحْرَامِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَتِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِهِمَا) أَوْ مُطْلَقًا فَإِنْ فَقَدْت الْمَاءَ تَيَمَّمْت مَعَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّظَافَةَ إذَا فَاتَتْ بَقِيَتْ الْعِبَادَةُ.
قَوْلُهُ: (وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ وَلِدُخُولِ الْكَعْبَةِ أَيْضًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلِدُخُولِ مَكَّةَ أَيْ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (يَقَعُ فِيهِ) أَيْ قَدْ يَقَعُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ إذَا اغْتَسَلَ لِنَحْوِ جُمُعَةٍ أَوْ كُسُوفٍ أَوْ عِيدٍ. وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ غُسْلَيْنِ قَرُبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَا يُنْدَبُ الثَّانِي مَا لَمْ يَحْصُلْ لِبَدَنِهِ تَغَيُّرُ رِيحٍ، وَإِلَّا نُدِبَ.
قَوْلُهُ: (كَالتَّنْعِيمِ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ أَوْ الْجِعْرَانَةِ فَيَغْتَسِلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الزَّوَالِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَمِرَةَ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ تَقْرِيبَهُ إلَخْ) وَيَنْتَهِي الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ