للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَجُوزُ.

وَلِلْأَقْطَعِ لُبْسُ خُفٍّ فِي السَّالِمَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ بَعْضُ الْمَقْطُوعَةِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ حَتَّى يُلْبِسَ ذَلِكَ الْبَعْضَ خُفًّا، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلِيلَةً لَمْ يَجُزْ إلْبَاسُ الْأُخْرَى الْخُفَّ لِلْمَسْحِ عَلَيْهِ؛ إذْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلَةِ فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ

وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْمَسْحُ، (بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) وَتَرَكَ رَابِعًا كَمَا سَتَعْرِفُهُ، الْأَوَّلُ: (أَنْ يَبْتَدِئَ) مُرِيدُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ (لُبْسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ) أَيْ تَمَامِ (الطَّهَارَةِ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، فَلَوْ لَبِسَهُمَا قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَهُمَا فِي الْخُفَّيْنِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ، ثُمَّ يَدْخُلَهُمَا فِي الْخُفَّيْنِ.

وَلَوْ أَدْخَلَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ غَسْلِهَا ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُحْرِمًا، وَمَعَ الْإِجْزَاءِ فِي الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ، وَقَدْ يُنْدَبُ إذَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ أَيْ فِي دَلِيلِهِ، وَقَدْ يُكْرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ ضَيِّقًا لَا يَتَّسِعُ عَنْ قُرْبٍ فَكَمَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِهِ يُكْرَهُ لُبْسُهُ م د.

قَوْلُهُ: (مَعَ غَسْلِ الْأُخْرَى) فَلَا يَجُوزُ أَيْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا خَيَّرَ مُكَلَّفًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْتَكِبَ خَصْلَةً ثَالِثَةً.

قَوْلُهُ: (إذْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إلْبَاسِ الصَّحِيحَةِ، وَيُقَالُ: إنَّ الْعَلِيلَةَ كَالْمَفْقُودَةِ، فَقَوْلُهُ: إذْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلَةِ أَيْ إلَّا إذَا تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَغَسَلَهَا وَأَلْبَسهَا الْخُفَّ كَالصَّحِيحَةِ فَيَمْسَحُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّيَمُّمِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ) أَيْ فِي وُجُوبِ التَّطْهِيرِ، فَكَمَا أَنَّ الصَّحِيحَةَ لَا يَصِحُّ إلْبَاسُهَا إلَّا بَعْدَ طُهْرِهَا بِالْمَاءِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَصِحُّ إلْبَاسُهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ عَنْهَا بِالتَّيَمُّمِ فَيَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلَةِ كَمَا ذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) فَإِنْ قِيلَ: كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: بِثَلَاثِ مِنْ غَيْرِ تَاءٍ؛ لِأَنَّ شَرَائِطَ جَمْعُ شَرِيطَةٍ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ فَيَكُونُ مَعْدُودُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ تَاءٍ. وَأَجَابَ سم: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرَائِطِ هُنَا الشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ فَشَرَائِطُ مُذَكَّرٌ تَأْوِيلًا وَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا لَفْظًا. قَوْلُهُ: (مُرِيدُ الْمَسْحِ) . اعْتَرَضَهُ ق ل بِأَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْفَاعِلِ مِنْ الْمَتْنِ. قَالَ: وَلَوْ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ وَكَانَ اللُّبْسُ نَائِبَ فَاعِلٍ كَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ مَا لَوْ أَلْبَسهَا غَيْرُهُ لَهُ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ اللُّبْسِ بِفِعْلِهِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتَسَامُحِ الشَّارِحِ فِي حَذْفِ أَدَاةِ التَّفْسِيرِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْفَاعِلِ الْمُضْمَرِ لَا الْمَحْذُوفِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ: " مَرِيدُ " بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ) وَلَوْ بِالتَّيَمُّمِ الْمَحْضِ لَا لِفَقْدِ الْمَاءِ بِأَنْ تَيَمَّمَ لِنَحْوِ مَرَضٍ كَجِرَاحَةٍ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ يَضُرُّهُ وَهُوَ حَرَامٌ اهـ اج. وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ، فَإِنَّ الْمَسْحَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُوجَدُ حِينَئِذٍ طُهْرٌ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ لِبُطْلَانِهَا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ تَمَامِ) فَسَّرَ الْكَمَالَ بِالتَّمَامِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ مُكَمِّلَاتِ الطَّهَارَةِ، وَهِيَ الْمَنْدُوبَاتُ كَالتَّثْلِيثِ وَالدَّلْكِ أَيْ وَيَسْتَمِرُّ الطُّهْرُ إلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ الْقَدَمُ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا الْقَيْدُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَوْ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ لَبِسَهُمَا) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَاضِيَ فِي الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ بِكَسْرِ الْبَاءِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا الْمُضَارِعُ فَبِفَتْحِهَا. قَالَ تَعَالَى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: ٣١] وَاحْتُرِزَ بِالْمَحْسُوسَةِ عَنْ الْمَعْنَوِيَّةِ فَإِنَّهُ فِي الْمَاضِي بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَفِي الْمُضَارِعِ بِكَسْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَلَبَسْنَا} [الأنعام: ٩] أَيْ خَلَطْنَا {عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:

بِعَيْنِ مُضَارِعٍ فِي لُبْسِ ثَوْبٍ ... أَتَى حَذْفٌ وَفِي الْمَاضِي بِكَسْرِ

وَفِي خَلْطِ الْأُمُورِ أَتَى بِعَكْسٍ ... لِعَيْنِهِمَا فَخُذْهُ بِغَيْرِ عُسْرِ

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ) كَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى كَذَلِكَ ثُمَّ يُدْخِلَهَا كَمَا عَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَتْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ مِنْ نَزْعِ الْأُولَى وَعَوْدِهَا، وَأَمَّا لَوْ لَبِسَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى بَعْدَ طُهْرِهَا فَقُطِعَتْ الْيُمْنَى، فَلَا يُكَلَّفُ نَزْعُ خُفِّ الْيُسْرَى لِوُقُوعِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطُّهْرِ ع ش. قَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي. فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>