للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ يُقَالُ فِي مُدَّةِ الْمُقِيمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ دَائِمَ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فَيَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى لُبْسِهِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الصَّلَاةَ بِطَهَارَتِهِ فَيَسْتَفِيدُ الْمَسْحَ أَيْضًا، لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِهِ غَيْرَ حَدَثِهِ الدَّائِمِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا مَسَحَ لِفَرِيضَةٍ فَقَطْ، وَلِنَوَافِلَ وَإِنْ أَحْدَثَ، وَقَدْ صَلَّى بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِنَفْلٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَسْحَهُ مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ فَرِيضَةً أُخْرَى وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ، وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ، فَكَأَنَّهُ لَبِسَ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

أَمَّا حَدَثُهُ الدَّائِمُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى اسْتِئْنَافِ طُهْرٍ، نَعَمْ إنْ أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطُّهْرِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَيْلَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ لِسَبْقِهَا عَلَيْهِ. فَأَجَابَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُكِرَ وَفَارَقَ الْخِيَارَ فِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يَسْتَفِيدَانِ اللَّيْلَةَ الْمَذْكُورَةَ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ لِلُّبْسِ مَوْجُودٌ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْخِيَارِ، وَهُوَ التَّرَوِّي، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ اسْتِمْرَارُهُ إلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بَلْ الْغَالِبُ حُصُولُهُ قَبْلَهَا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إدْخَالِهَا وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا فَلْيُحَرَّرْ.

قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَيْلَتَهُ بِأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَتَسْمِيَتُهَا لَيْلَتَهُ لِاتِّصَالِهَا بِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَنْهَجِ عَدَمَ التَّفْرِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) الظَّاهِرُ: وَمِنْ أُلْحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَصْلُ وَضْعِهَا لِمَا لَا يَعْقِلُ.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّنْبِيهِ أَنَّ دَائِمَ الْحَدَثِ إنَّمَا يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ فَمَسْحُهُ كَطَهَارَةِ الْمُتَيَمِّمِ أَيْ كَتَيَمُّمِ الْمُتَيَمِّمِ. فَإِنْ قِيلَ: لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ مَسْحًا يُغْنِيهِ عَنْ الْغَسْلِ مُدَّةَ الْمُقِيمِ. قُلْنَا: بَلْ لِذَلِكَ فَائِدَةٌ، وَهِيَ الْعِلْمُ بِأَنَّ لَهُ الْمَسْحَ فِي الْجُمْلَةِ وَأَنَّهُ يُغْنِيهِ عَنْ الْغَسْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّوَافِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَمِرًّا جَمِيعَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شَمِلَ إطْلَاقُهُ) أَيْ فِي الْمَاسِحِ وَالْمُدَّةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَمْسَحُ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِلنَّوَافِلِ بِأَنْ تَرَكَ الْفَرَائِضَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَحَاضَةِ) أَيْ غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ. أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَإِنْ اغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ مَسَحَتْ لِلنَّوَافِلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ.

قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ) وَيُشْتَرَطُ فِي خُفِّهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرَدُّدُ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةٍ لِلْمُسَافِرِ سَفَرَ قَصْرٍ، وَإِنْ كَانَ يُجَدِّدُ اللُّبْسَ لِكُلِّ فَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ وَمَسَحَ لِلنَّوَافِلِ اسْتَوْفَى الْمُدَّةَ بِكَامِلِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا شَمِلَهُ الْإِطْلَاقُ الْمَذْكُورُ. تَنْبِيهٌ: مِثْلُ دَائِمِ الْحَدَثِ الْوُضُوءُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِنَحْوِ جُرْحٍ وَمَحْضُ التَّيَمُّمِ لَا لِفَقْدِ الْمَاءِ، بَلْ لِنَحْوِ مَرَضٍ بِأَنْ تَكَلَّفَ الثَّانِي غَسْلَ أَعْضَائِهِ غَيْرَ الرِّجْلَيْنِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يَضُرُّهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، لَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِحُصُولِ الشِّفَاءِ، وَهَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى خَلْفِ مَلْبُوسٍ عَلَى تَيَمُّمٍ مَحْضٍ بِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ. اهـ. ح ل. أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي لَبِسَ عَلَيْهِ الْخُفَّ هُوَ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَبِيحُ بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ، أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ، ثُمَّ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ عَلَى التَّيَمُّمِ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ فَإِنَّ وُضُوءَهُ هَذَا يَسْتَبِيحُ بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي لَبِسَ عَلَيْهِ الْخُفَّ فَرْضًا أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى بِهِ فَرْضًا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا فَائِدَةَ فِي لُبْسِ الْخُفِّ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لُبْسُهُ لِدَفْعِ بَرْدٍ مَثَلًا، أَوْ لِيَمْسَحْ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا شَفِيَ وَتَوَضَّأَ أَوْ إذَا تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَتَوَضَّأَ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا الْمَنْعُ أَيْ مَمْنُوعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهُ) الْأَوْلَى فَهُوَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ طُهْرَهُ إلَخْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْتَعْمَلَ كَأَنَّ فِي الْأَمْرِ الْمُحَقَّقِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْمَنْعَ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا عَامًّا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَصْلًا لَا رَفْعًا عَامًّا وَلَا خَاصًّا شَيْخُنَا

قَوْلُهُ: (أَمَّا حَدَثُهُ الدَّائِمُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى اسْتِئْنَافِ طُهْرٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ نَفْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>