فِيهِ مَعَ تُشَاغِلْهُمْ بِأَشْغَالِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ لِظَنِّ فَقْدِهِ.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْلَمَ مَاءً بِمَحَلٍّ يَصِلُهُ مُسَافِرٌ لِحَاجَتِهِ كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ، وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ فَيَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ إنْ أَمِنَ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ وَمَالٍ يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً مِنْ نَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمَاءِ، وَانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ وَخُرُوجِ وَقْتٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ طَلَبُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَدًّا فِيهِ الْغَوْثُ، أَوْ الْمُرَادُ فِيهِ الْغَوْثُ وَسَكَتَ عَنْ الْعِلْمِ بِالْمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى حَدٍّ إلَخْ. أَيْ مَعَ اعْتِدَالِ أَسْمَاعِهِمْ وَمَعَ اعْتِدَالِ صَوْتِهِ وَابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ رُفْقَةِ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهِ لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ ح ل. وَفِي الْإِطْفِيحِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ الرُّفْقَةِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ سُؤَالُهُمْ وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ، لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَافِلَةَ قَدْ تَتَّسِعُ جِدًّا بِحَيْثُ تَأْخُذُ قَدْرَ فَرْسَخٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْحَدُّ مِنْ آخِرِهَا لَزِمَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَرُبَّمَا تَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ اهـ سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ. أَغَاثَهُ إغَاثَةً نَصَرَهُ فَهُوَ مُغِيثُهُ اسْمٌ مِنْهُ أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْإِغَاثَةِ فَالْإِضَافَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ يَلْحَقُهُ فِيهِ رُفْقَتُهُ الْمُسْتَغَاثُ بِهِمْ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ اط ف.
قَوْلُهُ: (لِظَنِّ فَقْدِهِ) أَيْ الظَّنُّ الْمُسْتَنِدُ لِلطَّلَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُجَوِّزٌ لِلْفَقْدِ، فَهَلَّا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ؟ وَعِبَارَةُ اط ف: لِظَنِّ فَقْدِهِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْلَمَ مَاءً) أَيْ الْمُسَافِرُ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ رِوَايَةً بَلْ أَوْ فَاسِقٍ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فِي صِدْقِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِّ، وَخَرَجَ بِالْمُسَافِرِ الْحَاضِرُ فَيَطْلُبُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا قَالَهُ الْإِطْفِيحِيُّ.
قَوْلُهُ: (هَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ الَّذِي سَعَى إلَيْهِ فِي حَالَةِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ اهـ اط ف. وَعِبَارَةُ ع ش: وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ، وَإِلَّا فَالْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَكَةٌ فِي الْمَبْدَأِ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ) وَقَدَّرُوهُ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ وَقُدِّرَ نِصْفُ الْفَرْسَخِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَدِلَةِ إحْدَى عَشْرَةَ دَرَجَةً وَرُبْعَ دَرَجَةٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقَدْرُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَمَسَافَةُ الْقَصْرِ سِتَّةَ عَشْرَ فَرْسَخًا، فَإِذَا قَسَّمْته عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الدَّرَجِ خَصَّ كُلَّ فَرْسَخٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفٌ ع ش عَلَى م ر. قَالَ شَيْخُنَا: وَأَخْصَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ مِقْدَارُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً، فَإِذَا قَسَمْتهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا خَصَّ كُلَّ فَرْسَخٍ سَاعَةٌ وَنِصْفٌ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ فَهُوَ حَدُّ الْبُعْدِ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ إذَا سَعَى إلَيْهِ لِشُغْلِهِ الدُّنْيَوِيِّ فَالدِّينِيُّ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ حَجّ. وَالْمُرَادُ بِالطَّلَبِ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ هُنَاكَ الْتِمَاسُهُ وَهُنَا قَصْدُهُ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَمَالٌ يَجِبُ بَذْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ الْمَاءُ لَا مُقَابِلَ لَهُ، وَإِلَّا فَتَضَاعُفُ الْغُرْمِ بَعِيدٌ عَنْ الْغُنْمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً) مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ ثَمَنِ مَاءِ طَهَارَتِهِ إلَخْ أَوْ أُجْرَةِ آلَةِ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْسٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ، وَيُشْتَرَطُ فِيمَا يَأْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ الْخَوْفُ عَلَيْهِ زي. قَوْلُهُ: (وَعُضْوٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْحِشْ لِتَكَرُّرِهِ وَفَارَقَ الْجُمُعَةَ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ التَّخَلُّفِ لَهَا لِإِيحَاشٍ عَنْ الرُّفْقَةِ إذَا سَافَرُوا بَعْدَ الْفَجْرِ بِأَنَّهَا لَا بَدَلَ لَهَا ز ي. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجُمُعَةَ مَقْصِدٌ، وَالْمَاءُ هُنَا وَسِيلَةٌ. قَوْلُهُ: (لَا بَدَلَ لَهَا) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَبَدَلُهَا الظُّهْرُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ؛ لِأَنَّهَا خَامِسَةُ يَوْمِهَا أَيْ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْخَمْسَةِ، وَلَيْسَ الظُّهْرُ بَدَلًا عَنْهَا بَلْ يُغْنِي عَنْهَا. قَوْلُهُ: (وَخُرُوجِ وَقْتٍ) أَيْ كُلِّهِ، فَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِلْمَاءِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ سم اج. وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِأَنَّ كُلَّ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ، وَإِلَّا وَجَبَ السَّعْيُ إلَى الْمَاءِ. وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ عَلَى الْوَقْتِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ شَوْبَرِيٌّ. فَرْعٌ: لَوْ خَافَ بَرْدَ الْمَاءِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْخِينِهِ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ يَعْلَمُ وُجُودَ حَطَبٍ بِمَكَانٍ لَوْ ذَهَبَ لَهُ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إلَّا، وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ م ر. أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْحَطَبِ وَالتَّسْخِينِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي التَّتِمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ وَاجِدَ الْمَاءِ يَسْعَى فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَخَرَجَ بِالتَّسْخِينِ التَّبْرِيدُ فَلَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ