وَالْعَطَشُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ مُعْتَبَرٌ بِالْخَوْفِ فِي السَّبَبِ الثَّانِي، وَلِلْعَطْشَانِ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا بِبَدَلِهِ إنْ لَمْ يَبْذُلْهُ لَهُ
(وَ) الشَّيْءُ الثَّانِي (دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ) فَلَا يَتَيَمَّمُ لِمُؤَقَّتٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا قَبْلَ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ بَلْ يَتَيَمَّمُ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهِ كَسَتْرٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ، إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ لِلتَّضَمُّخِ بِهَا مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً، لَا لِكَوْنِ زَوَالِهَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ زَوَالِهَا عَنْ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ، وَالْوَقْتُ شَامِلٌ لِوَقْتِ الْجَوَازِ وَوَقْتِ الْعُذْرِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ أَوْ بَدَلِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَيُصَلِّي بِحَالِهِ وَيُعِيدُ اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُ الطُّهْرَ بِهِ) بَلْ يَحْرُمُ التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ قَلَّ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وُجُودَ مُحْتَرَمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقَافِلَةِ، وَإِنْ كَبِرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ ح ل. وَكَثِيرٌ يَجْهَلُونَ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ التَّطَهُّرَ بِالْمَاءِ قُرْبَةٌ وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ دَابَّةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الطُّهْرَ بِهِ ثُمَّ جَمْعَهُ وَشُرْبَهُ لِلدَّابَّةِ فَيَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَعَافُهُ، بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ وَمِثْلُهَا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْرِفُونَ الِاسْتِقْذَارَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ. قَالَ ق ل: وَيُعْتَبَرُ فِي الْعَطَشِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ مَا فِي الْمَرَضِ مِنْ خَبَرِ الطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ وُجِدَ الطَّبِيبُ حَاضِرًا، وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ مَنْعُهُ مِنْ الشُّرْبِ حَتَّى يُوجَدَ الطَّبِيبُ خُصُوصًا فِي مَفَازَةٍ مَثَلًا فَلْيُنْظَرْ حُكْمُهُ وَلْيُرَاجَعْ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ هُوَ مَالِكَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ إهْدَارُهُ يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ كَتَرْكِهِ الصَّلَاةَ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ كَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إلَّا إنْ تَابَ.
قَوْلُهُ: (وَلِلْعَطْشَانِ) هَذَا التَّقْدِيمُ يُفِيدُ الْحَصْرَ، فَخَرَجَ مُحْتَاجُ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ وَالثَّوْبِ لِلسِّتْرِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي عَارِيًّا.
قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِكِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَطْشَانِ فَإِنْ كَانَ مَالِكُ الْمَاءِ عَطْشَانًا لَمْ يُهْدَرْ بَلْ يَضْمَنُهُ قَاتِلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. بِخِلَافِ الْمَالِكِ غَيْرِ الْعَطْشَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ إذَا كَانَ عَطْشَانًا، وَكَنَفْسِهِ عَطَشُ آدَمِيٍّ مَعَهُ مُحْتَرَمٍ يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بِبَدَلِهِ) أَيْ وَأَمَّا بِدُونِ بَذْلِهِ فَلَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ: (دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَلَوْ ظَنًّا فَقَالَ الشَّارِحُ الْآتِي: وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْوَقْتِ أَيْ أَوْ ظَنُّهُ. اهـ. م د بِزِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَقْتِهِ) فَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ قَبْلَهُ وَمَسَحَ بِهِ الْوَجْهَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ نَقْلٍ قُبَيْلَ الْمَسْحِ، وَإِلَّا صَحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَقَلَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ صَادَفَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ التَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ فَيُصَلِّي بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِخِلَافِ طُهْرِ دَائِمِ الْحَدَثِ لِتَجَدُّدِ حَدَثِهِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَقَّتِ. وَقَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهِ) أَيْ الْمُؤَقَّتِ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْخِطْبَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ صَحَّ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا، أَوْ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ جَازَ، لِأَنَّ وَقْتَهَا دَخَلَ بِالزَّوَالِ، وَتَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ فِعْلِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ الْخَطِيبُ، أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ.
قَوْلُهُ: (لِلتَّضَمُّخِ بِهَا) التَّضَمُّخُ التَّلَطُّخُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ.
قَوْلُهُ: (مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ، وَهِيَ لَمْ تُوجَدْ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ قَوِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِكَوْنِ زَوَالِهَا شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ إلَخْ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ خَاصَّةً لِلتَّضَمُّخِ بِهَا مَعَ ضَعْفِهِ بِخِلَافِهَا إذَا كَانَتْ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْمَكَانِ فَلَا تَضَمُّخَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ لِمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَالصَّلَاةِ أَمْ لَا كَمَسِّ مُصْحَفٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَبْلَ زَوَالِهَا. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيزِ
قَوْلُهُ: (وَتُقَدَّمَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مَا لَمْ تَكُنْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ إزَالَتُهَا أَيْضًا. وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، خِلَافًا لِمَا فِيهَا هُنَا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَسْتَنْجِي بِهِ أَوْ يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ لَمْ يَتَيَمَّمْ، بَلْ هُوَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ الْعُذْرِ) فَيَتَيَمَّمُ لِلْعَصْرِ وَقْتَ الظُّهْرِ إذَا أَرَادَ جَمْعَ التَّقْدِيمِ وَلِلْعِشَاءِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى دَخَلَ