للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَيَمَّمُ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَرَادَهُ إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ إذَا أَرَادَ إيقَاعَ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْوَقْتِ فَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَادَفَهُ

(وَ) الشَّيْءُ الثَّالِثُ (طَلَبُ الْمَاءِ) بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَأْذُونِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَ) الشَّيْءُ الرَّابِعُ (تَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِهِ) شَرْعًا، فَلَوْ وَجَدَ خَابِيَةً مُسَبَّلَةً بِطَرِيقٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا كَمَا فِي الزَّوَائِدِ، أَوْ حِسًّا كَأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقْتُ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَيَمُّمٌ آخَرُ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَبَاحَهَا بِوَصْفِ كَوْنِهَا مَجْمُوعَةً، وَقَدْ فَاتَ هَذَا الْوَصْفُ فَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ كَمَا عُرِفَ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ نَفْلًا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ حَاضِرَةٍ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَاضِرَةَ بِتَيَمُّمِهِ. وَيُلْغَزُ بِهِ وَيُقَالُ: لَنَا شَخْصٌ صَلَّى صَلَاةَ تَيَمُّمٍ نَوَى بِهِ اسْتِبَاحَةَ غَيْرِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ، بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ ثَمَّةَ اسْتَبَاحَ مَا نَوَى فَاسْتَبَاحَ غَيْرَهُ بَدَلًا، وَهُنَا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَوَى فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ اهـ. قَالَ: وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْجَمْعَ تَأْخِيرًا فَتَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِخِلَافِ تَيَمُّمِهِ فِيهِ لِلْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهُ فِي وَقْتِهِ م د.

قَوْلُهُ: (بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ) أَيْ الْوَاجِبِ أَوْ بَدَلِهِ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ. وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا شَخْصٌ يَتَوَقَّفُ تَيَمُّمُهُ عَلَى طُهْرِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَرَادَ إيقَاعَ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ فِيهِ أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بِنِيَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَكَذَا قَبْلَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ تَيَمَّمَ فِيهِ لِيُصَلِّيَ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ لَا وَقْتَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) أَيْ أَوْ ظَنُّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (طَلَبُ الْمَاءِ) اعْلَمْ أَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ لَا يَجِبُ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ عَدَمَ وُجُودِهِ، وَأَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِلْفَقْدِ لَا لِلْمَرَضِ، وَأَنْ لَا يَحْتَاجَ الْمَاءَ لِلْعَطَشِ م د.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) فَلَوْ طَلَبَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ الطَّلَبِ، نَعَمْ إنْ حَصَلَ بِهِ تَيَقُّنُ الْعَدَمِ كَانَ كَافِيًا سم. وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ: فَلَوْ طَلَبَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّ صَادَفَ الْوَقْتَ، نَعَمْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْإِذْنِ فِي الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ إنْ قَالَ فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ. وَفِي شَرْحِ م ر: نَعَمْ الْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِطَلَبِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُحْرِمُ حَلَالًا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ، وَأَطْلَقَ فَعَقَدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِفَائِتَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ عَقِبَ طَلَبِهِ تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ الطَّلَبِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ طَلَبَهُ لِعَطَشِ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْخَادِمِ، أَوْ فِي أَوَّلِهِ كَوْنُ الْقَافِلَةِ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا إذَا بَادَرَ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبِ فِي أَظْهَرِ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ اهـ. شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (تَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِهِ) هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ وُجُودُ الْعُذْرِ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَفِي عَدِّهِمَا شَرْطَيْنِ مُسَامَحَةٌ، وَكَذَا فِي عَدِّ الطَّلَبِ وَالْإِعْوَازِ شَرْطَيْنِ، بَلْ الْإِعْوَازُ مِنْ تَتِمَّةِ الطَّلَبِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الطَّلَبِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ؛ إذْ قَدْ يَجِبُ الْمَاءُ بَعْدَهُ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ، بَلْ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الطَّلَبِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ؛ إذْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِإِعْوَازِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَهُمَا شَرْطٌ وَاحِدٌ، بَلْ التَّحْقِيقُ أَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا فَإِنَّهُ مُحَقِّقٌ لِفَقْدِ الْمَاءِ الدَّاخِلِ تَحْتَ قَوْلِهِ (تَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، فَإِذَنْ الشُّرُوطُ عَلَى التَّحْقِيقِ ثَلَاثَةٌ: الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالتُّرَابُ الطَّهُورُ، وَهَكَذَا حَقَّقَهُ سم فِي شَرْحِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْدُودُ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ سِتَّةٌ فِيهِ مُسَامَحَةٌ. قَوْلُهُ (فَلَوْ وَجَدَ خَابِيَةً) مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مُسَبَّلَةٌ لِلشُّرْبِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مُسَبَّلَةٌ لِلِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا اسْتَعْمَلَهَا فِي الطَّهَارَةِ فَإِنْ شَكَّ حَكَّمَ الْعُرْفَ وَالْقَرَائِنَ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ مِنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ إلَّا إذَا عَلِمَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُسَبِّلَهُ يَسْمَحُ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَبَاحَ لِأَحَدٍ طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ حَمْلُ الْحَبَّةِ مِنْهُ، وَلَا صَرْفُهُ إلَى غَيْرِ الْأَكْلِ، إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَا مُبِيحِهِ بِذَلِكَ، فَإِنَّ شَكَّ حَكَّمَ الْعُرْفَ وَالْقَرِينَةَ، وَمِنْ التَّعَذُّرِ الشَّرْعِيِّ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا أَوْ رَهْنًا، وَمِنْ الشَّكِّ أَيْ التَّرَدُّدِ فَيَشْمَلُ الظَّنُّ غَالِبَ الصَّهَارِيجِ الْمَوْجُودَةِ بِمِصْرِنَا، فَإِنَّا لَمْ نَعْلَمْ فِيهَا حَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>