صَالِحًا لِلْغُسْلِ لَا يَكْفِيهِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ مُرَتَّبًا إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ، أَوْ مُطْلَقًا إنْ كَانَ غَيْرَهُ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ عَنْ الْبَاقِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣] وَهَذَا وَاجِدٌ أَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ كَثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ، فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيمُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ، فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ
وَمَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَوَجَدَ مَا يَغْسِلُ بِهِ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ وَجَدَ مَاءً وَعَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ أَوْ أَكْبَرُ، وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَلَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ
وَيَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ، وَكَذَا التُّرَابُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ عَلَى الْأَصَحِّ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي فُرُوعٍ عَشَرَةٍ إلَى قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ إلَخْ. وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ إلَخْ عَلَيْهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل وَلَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ، وَتُرَابًا كَافِيًا لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ التُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ، وَيَكُونُ كَالْمَاءِ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبُعٌ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ اهـ. فَإِنْ قُلْت: مَا قَالَهُ ح ل مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ: مَتَى وَجَدَ مَاءً صَالِحًا لِلْغُسْلِ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى التُّرَابِ، وَلَوْ لَمْ يَكْفِ إلَّا جُزْءًا مِنْ الْوَجْهِ. قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ لِإِمْكَانِ تَصْوِيرِ مَا قَالَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ فِي مِلْكِهِ، بَلْ رَآهُمَا يُبَاعَانِ، وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَمَنُ أَحَدِهِمَا فَيُقَدِّمُ شِرَاءَ التُّرَابِ عَلَى الْمَاءِ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ) لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه وَتُرَابٌ لَا يَكْفِيه وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ ع ش.
قَوْلُهُ: (مُرَتِّبًا) أَيْ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ، وَأَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ اسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيَكُونُ التَّيَمُّمُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ) أَيْ الْحَدَثُ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ الْأَصْغَرِ بِأَنْ كَانَ أَكْبَرَ أَوْ مُتَوَسِّطًا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسِ، ثُمَّ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ) أَيْ كَوَاجِدِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِيهِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْتِيبٌ.
قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ» ) الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْمَأْمُورُ. وَقَوْلُهُ: «فَأْتُوا مِنْهُ» ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ شِرَاءُ بَعْضِ رَقَبَةٍ فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً وَبَعْضُ الْمَاءِ مَاءٌ اهـ مُنَاوِيٌّ. فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ) فَلَا يُقَدَّمُ التَّيَمُّمُ لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ) أَيْ وَالْوَاجِدُ لَهُ حَدَثُهُ أَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ كِفَايَةُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ، أَمَّا مَنْ وَاجِبُهُ الْغُسْلُ وَهُوَ ذُو الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَوُجْدَانُهُ الْبَرَدَ وَالثَّلْجَ كَالْعَدَمِ قَطْعًا؛ إذْ لَا دَخْلَ لَهُمَا فِي رَفْعِ حَدَثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَسْحَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ وُجُوبُ الْمَسْحِ بِهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ. عَزِيزِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ) أَيْ إذَا لَمْ يَغْسِلْ مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ ذَابَ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ عَزِيزِيٌّ.
قَوْلُهُ: (إذْ لَا يُمْكِنُ هُنَا) أَيْ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ تَقْدِيمُ مَسْحِ الرَّأْسِ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ تَعَيَّنَ الْمَسْحُ بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ عَنْ الرَّأْسِ وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الرَّأْسِ وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ إلَخْ) قَالَ ق ل: هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَهُوَ مُضِرٌّ اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا لَوْ احْتَاجَ لِلْمَاءِ لِإِزَالَةِ خَبَثٍ وَحَدَثٍ، وَكَانَ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدُهُمَا، فَإِنَّهُ يَصْرِفُهُ لِلْخَبَثِ وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْحَدَثِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ) وَمِثْلُهُ شِرَاءُ الْآلَةِ أَوْ اسْتِئْجَارُهَا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا التُّرَابُ) أَيْ وَلَوْ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ م ر.
قَوْلُهُ: (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَلَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْت: