للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا بِنِيَّتِهِ أَوْ فَرْضًا فَقَطْ فَلَهُ النَّفَلُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ تَابِعٌ لَهُ، فَإِذَا صَلَحَتْ طَهَارَتُهُ لِلْأَصْلِ فَلِلتَّابِعِ أَوْلَى أَوْ نَفْلًا فَقَطْ، أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ صَلَّى بِهِ النَّفَلَ وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ، وَالنَّفَلُ تَابِعٌ كَمَا مَرَّ، فَلَا يُجْعَلُ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا

وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ حَمْلَ الْمُصْحَفِ أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ أَوْ نَوَى نَحْوُ الْجُنُبِ الِاعْتِكَافَ أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَائِضِ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ، كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَنِيَّةِ النَّفْلِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ، وَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ النَّفَلَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ آكَدُ مِنْ ذَلِكَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ.

وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ.

(وَ) الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (مَسْحُ الْوَجْهِ) حَتَّى ظَاهِرِ مُسْتَرْسِلِ لِحْيَتِهِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: ٦] .

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ فَرْضًا فَقَطْ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا أَضَافَهُ لِلصَّلَاةِ أَمَّا لَوْ نَوَى فَرْضًا، وَأَطْلَقَ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ لِتَنْزِيلِهِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ الْفَرْضِ، وَهُوَ تَمْكِينُ الْحَلِيلِ، وَحَمْلُ نَحْوِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ نَذَرَهُ، أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ كَافِرٍ اهـ سم. وَهَذَا هُوَ الْأَحْوَطُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّنْوِينَ يَكُونُ لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا إذَا نَكَّرَ الْفَرْضَ كَمَا ذُكِرَ، أَمَّا لَوْ عَرَّفَهُ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى فَرْضِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ أَلْ لِلْكَمَالِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ النَّفَلُ مَعَهُ) وَإِنْ نَفَى فِعْلَهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَ اسْتِبَاحَتِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ إلَخْ) . فَإِنْ قِيلَ: الْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِأَلْ يُفِيدُ الْعُمُومَ، فَلِمَاذَا إذَا قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ الْفَرْضَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (صَلَّى بِهِ النَّفَلَ) وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ النَّفَلَ فِي جَوَازِ تَرْكِهَا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ: أَوْ نَوَى نَفْلًا وَالصَّلَاةَ فَلَهُ غَيْرُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَسِّ الْمُصْحَفِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ) أَيْ غَيْرَ الْكِفَائِيِّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي الْأُولَى) أَيْ نِيَّةِ النَّفْلِ.

قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ) أَيْ لِلنَّفْلِ أَيْ أَصْلٌ لَهُ فِي التَّكْلِيفِ، وَالْمَشْرُوعِيَّةِ أَيْ: لَوْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْفَرْضِ لَمْ يُكَلَّفْ بِالنَّفْلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكَلَّفْ الصَّبِيُّ بِالنَّفْلِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ بِالْفَرْضِ شَوْبَرِيٌّ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْمُرَادُ أَنَّ الْخِطَابَ وَقَعَ أَوَّلًا بِالْفَرْضِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. وَأَمَّا السُّنَنُ فَسَنَّهَا النَّبِيُّ بَعْدُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْفَرْضَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ مَرْتَبَةٌ أُولَى، وَأَنَّ نَفْلَهُمَا وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، وَأَنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَلَوْ مَنْذُورًا مَرْتَبَةٌ ثَالِثَةٌ، وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَةُ مَا فِيهَا وَمَا دُونَهَا.

١ -

تَنْبِيهٌ: يَكْفِي فِي نَذْرِ الْوِتْرِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا الضُّحَى، وَنَحْوُ ذَلِكَ ق ل. وَقَالَ الشَّيْخُ الْبَابِلِيُّ نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِ: لَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ وَجَبَ عَلَيْهِ عَشْرُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْسَ الْجَمِيعُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَلَوْ نَذَرَ الضُّحَى أَوْ الْوِتْرَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَيْثُ لَمْ يَنْذِرْ السَّلَامَ مِنْ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ التَّيَمُّمُ بِعَدَدِهِ. وَفِي فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ خِلَافًا لحج فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ) وَلَوْ مُكَرَّرًا.

قَوْلُهُ: (صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) وَإِنْ تَعَيَّنَتْ ح ل.

قَوْلُهُ: (كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ) أَيْ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ.

قَوْلُهُ: (مَسْحُ الْوَجْهِ) أَيْ جِنْسُهُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى ظَاهِرِ مُسْتَرْسَلِ) أَيْ وَهُوَ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ قَوْلُهُ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] . إنْ قُلْت: إنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِرُءُوسِكُمْ. قُلْت: نَعَمْ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَسْحُ الْوَجْهِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِهِ، وَالْبَدَلُ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ خَالَفْنَا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَيْدِيكُمْ) ذِكْرُ الْأَيْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>