للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التُّرَابِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ أَوْ يُطْلَقُ، فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ

وَيَجِبُ مَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» . وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَا الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ

وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ فَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ وَعَلِقَ بِهِمَا غُبَارٌ كَفَى.

ثُمَّ شَرَعَ فِي سُنَنِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: (وَسُنَنُهُ) : أَيْ التَّيَمُّمِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثَلَاثُ خِصَالٍ بَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ: الْأَوَّلُ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَلَوْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ. (وَ) الثَّانِي (تَقْدِيمُ الْيُمْنَى) مِنْ الْيَدَيْنِ (عَلَى الْيُسْرَى) مِنْهُمَا (وَ) الثَّالِثُ (الْمُوَالَاةُ) كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يُشْتَرَطُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُطْلِقُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ) ضَعِيفٌ كَمَا عَلِمْت. وَقَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ) أَيْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَلَكِنْ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الصُّورَتَيْنِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (بِضَرْبَتَيْنِ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ، وَصُورَتُهَا بِأَنْ يَضَعَ الْخِرْقَةَ الَّتِي عَلِقَ بِهَا التُّرَابُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُرَتِّبُ تَرْدِيدَهَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ؛ فَهَذِهِ الصُّورَةُ صَدَقَ عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ التَّرْتِيبِ، وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ تَعَدُّدِ الضَّرْبِ نَبَّهَ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ سم فِي حَوَاشِي ابْنِ حَجَرٍ. فَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّصَاوِيرِ الْفَاسِدَةِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِحَاجَةٍ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الضَّرْبَتَيْنِ إذَا حَصَلَ الِاسْتِيعَابُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ) وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ، فَلَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ وَاحِدَةٍ وَجْهَهُ وَبِبَعْضِهَا الْآخَرِ مَعَ الْأُخْرَى الْيَدَيْنِ أَوْ عَكَسَهُ كَفَى ق ل. فَقَوْلُهُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (كَفَى) فَالتَّعْبِيرُ بِالضَّرْبِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَمِنْهَا السِّوَاكُ، وَمَحَلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ. أَقُولُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا يُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَقِيَامُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْغَسْلِ فَيُسَنُّ التَّسْمِيَةُ لَهُ ثُمَّ السِّوَاكُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْوُضُوءِ مِنْ مُقَارَنَةِ التَّسْمِيَةِ لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تُقَارِنَ هُنَا أَوَّلَ النَّقْلِ، فَيَكُونُ السِّوَاكُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّسْمِيَةِ ع ش عَلَى م ر. وَيُسَنُّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي فَتَاوِيهِ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيُّ اهـ. قَوْله: (كَالْوُضُوءِ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ طَلَبُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ ق ل. وَفِي هَذِهِ الِاسْتِفَادَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَاسَ عَلَى الْوُضُوءِ سَنُّ التَّسْمِيَةِ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ يُؤْخَذُ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ لِذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: كَالْوُضُوءِ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى التَّسْمِيَةِ الِاسْتِعَاذَةَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوُضُوءِ، لَكِنْ بِإِبْدَالِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُمَا إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ثَلَاثًا كَطَلَبِهَا عَقِبَ الْوُضُوءِ قَرَّرَهُ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِمُحْدِثٍ حَدَثًا أَكْبَرَ) أَيْ إذَا قَصَدَ الذِّكْرَ بِهَا أَوْ أَطْلَقَ، أَمَّا إذَا قَصْدَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ مَعَ الذِّكْرِ فَحَرَامٌ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْجُنُبَ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ التَّسْمِيَةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَأْتِي الْأَكْمَلَ. قَوْلُهُ: (وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ تَحْتَ أَطْرَافِ أَنَامِلِ الْيُمْنَى بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ أَنَامِلُ الْيُمْنَى عَنْ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى، وَلَا مُسَبِّحَةُ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى، وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ، وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا حَصَلَ بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>