للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ ثَانٍ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ لُمْعَةً فَإِنَّ طَهَارَةَ ذَلِكَ الْعُضْوِ لَمْ تَحْصُلْ.

وَإِذَا امْتَنَعَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي عُضْوٍ مِنْ مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَاتِرٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ لِئَلَّا يَبْقَى مَوْضِعُ الْعِلَّةِ بِلَا طَهَارَةٍ، فَيُمِرُّ التُّرَابَ مَا أَمْكَنَ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلَّةِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَيَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: " أَنَّهُ غَسَلَ مَعَاطِفَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ ". قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَسَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَتَوَضَّأَ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، وَيَتَلَطَّفُ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ فَيَضَعُ خِرْقَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي يَدَيْهِ وَتَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَسْحَ الرَّأْسِ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ) مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مُتَعَدِّدًا كَمَا إذَا كَانَ فِي وَجْهِهِ جِرَاحَةٌ وَفِي يَدَيْهِ، وَفِي رِجْلَيْهِ وَعَمَّتْ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ، فَإِذَا أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ تَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّعَدُّدِ أَوَّلًا مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ الْآنَ سَاقِطٌ فَاحْفَظْهُ اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ لُمْعَةً) فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا وَيُعِيدُ غَسْلَ مَا بَعْدَهَا وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ غَسْلِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا امْتَنَعَ وُجُوبُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ نَدْبِهِ، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَيْفُ يُجَامِعُ جَوَازُ الْمَاءِ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ وُجُوبِ قَوْلِهِ الْآتِي وَجَبَ التَّيَمُّمُ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ إلَخْ أَيْ حَرُمَ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْوُجُوبِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ق ل. وَانْظُرْ هَلْ يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ عِنْدَ خَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ الْقِيَاسُ الْحُرْمَةُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ م ر حَيْثُ قَالَ: وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَهُ عِنْدَ غَلَبَةِ حُصُولِ الْمَحْذُورِ بِالطَّرِيقِ الشَّامِلِ لِبُطْءِ الْبُرْءِ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَجَبَ التَّيَمُّمُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَجَبَ تَيَمُّمٌ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ كَالشَّارِحِ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَعَرَّفَ التَّيَمُّمَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُمِرُّ التُّرَابَ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالتَّيَمُّمِ إمْرَارَ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ) أَيْ مَوْضِعُ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) عِبَارَةُ م ر لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: احْتَلَمْت فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَشْفَقْت أَيْ خِفْت أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَهْلِكَ فَتَيَمَّمْت وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْتُهُ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْت: إنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩] فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» . اهـ قَالَ حَجّ، قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرٍو: صَلَّيْت صَرِيحٌ فِي تَقْرِيرِهِ عَلَى إمَامَتِهِ، فَإِنْ قِيلَ بِلُزُومِ الْإِعَادَةِ أَشْكَلَ بِأَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ أَوْ بِعَدَمِ لُزُومِهَا أَشْكَلَ بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لِلْبَرْدِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ، وَأَمَّا صِحَّةُ صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ، فَجَازَ اقْتِدَاؤُهُمْ لِذَلِكَ. وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الْعَاصِ يَعْرِفُ الْحُكْمَ، أَيْ أَنَّهُ أَخَّرَ الْأَمْرَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ.

قَوْلُهُ: (وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) وَكَانَ جُنُبًا وَتَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ وَصَلَّى إمَامًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ إلَّا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ أَنَّ هُنَاكَ تَيَمُّمًا أَيْضًا، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا تَيَمُّمَ أَصْلًا، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ؟ وَهَذَا تَيَمُّمٌ لِلْبَرْدِ أَيْ وَالْبَرْدُ كَالْمَرَضِ وَالْجُرْحِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَلَطَّفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولُ أَيْ يَتَرَفَّقُ. وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَيَتَحَامَلُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَلَطَّفُ وُجُوبًا إنْ أَدَّى تَرْكُ التَّلَطُّفِ إلَى دُخُولِ الْمَاءِ إلَى الْجِرَاحَةِ. وَقَدْ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ بِضَرَرِ الْمَاءِ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ ع ش. فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ، وَأَمْكَنَهُ مَسُّ الْمَاءِ بِلَا إفَاضَةٍ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا مَسْحُهُ بِالْمَاءِ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَسْلِ. وَقَوْلُهُ: وَجَبَ أَيْ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَمِسُّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ وَلَا يَكْفِي مَسْحُهُ بِالْمَاءِ، وَمَا قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>