للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَبْلُولَةً بِقُرْبِهِ، وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِيَغْسِلَ بِالْمُتَقَاطِرِ مِنْهَا مَا حَوَالَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسِيلَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ اسْتَعَانَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَقْضِي

وَلَوْ جُرِحَ عُضْوَا الْمُحْدِثِ أَوْ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِمَا لِغَيْرِ جِرَاحَةٍ فَيَجِبُ تَيَمُّمَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ، وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ، فَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ جِرَاحَةٌ، وَلَمْ تَعُمَّهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ تَيَمُّمَاتٍ: الْأَوَّلُ لِلْوَجْهِ، وَالثَّانِي لِلْيَدَيْنِ، وَالثَّالِثُ لِلرِّجْلَيْنِ، وَالرَّأْسُ يَكْفِي فِيهِ مَسْحُ مَا قَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ فَأَرْبَعَةٌ وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْجَمِيعِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ

(وَيُصَلِّي) صَاحِبُ الْجَبِيرَةِ إذَا مَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ (وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمَسْحِ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: مَسْحُهُ بِمَاءٍ فَهُوَ خَطَأٌ وَتَحْرِيفٌ فِي عِبَارَةِ الْإِمَامِ السَّابِقَةِ، وَفَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِمَسْحِ الْجَبِيرَةِ عَنْهُ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غَسْلِهِ وَمَا هُنَا أَصْلٌ، وَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ أَقْوَى.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ غَسْلُ الصَّحِيحِ وَلَا يَجِبُ نَزْعُ سَاتِرٍ خَفِيفٍ مِنْ نَزَعَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جُرِحَ عُضْوَا الْمُحْدِثِ) بِالتَّثْنِيَةِ أَصْلُهُ عُضْوَانِ لِلْمُحْدِثِ حُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْأَلْفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْأَلِفِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ لِجُرِحَ أَيْ: مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَهُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي عُضْوَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي بَعْضِهِمَا لَا فِي كُلِّهِمَا، وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ تَيَمُّمَانِ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ عَمَّتِهِمَا، وَكَانَا غَيْرَ مُتَوَالِيَيْنِ كَالْوَجْهِ وَالرِّجْلِ، أَمَّا إذَا عَمَّتْهُمَا وَكَانَا مُتَوَالِيَيْنِ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ) كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، وَكَذَا لَوْ عَمَّتْ الْوَجْهَ وَبَعْضَ الْيَدَيْنِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ التَّرْتِيبُ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ تَيَمَّمَ عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى يَدَيْهِ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ يَدَيْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) . فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تُوَالِي تَيَمُّمِهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ ز ي وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَأَرْبَعَةٌ) وَلَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ فَأَرْبَعَةٌ أَيْ فِي الطَّهَارَةِ الْأُولَى، فَلَوْ صَلَّى فَرْضًا، وَلَمْ يُحْدِثْ، وَأَرَادَ آخَرَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ) أَيْ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ، فَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرُ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مَحَالُّ الْعِلَّةِ وَتَعَدَّدَتْ الْجَبَائِرُ؛ إذْ لَا تَرْتِيبَ فِي طُهْرِهِ سم. حَادِثَةٌ: تَقَعُ كَثِيرًا تَتَعَلَّقُ بِالْحِمَّصَةِ الَّتِي تُوضَعُ فِي الذِّرَاعِ مَثَلًا بَعْدَ الْكَيِّ. وَحُكْمُهَا: أَنَّهُ إنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَلَا يَضُرُّ انْتِفَاخُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهَا، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ ضَرَّ، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. اهـ. ع ش فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ وَضْعُهَا عَلَى طُهْرٍ) أَيْ كَامِلٍ مِنْ الْحَدَثَيْنِ كَالْخُفِّ لَا طُهْرِ الْعُضْوِ وَحْدَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى طُهْرٍ أَيْ: وَلَمْ يَسْهُلْ نَزْعُهَا وَكَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ، فَعَدَمُ الْإِعَادَةِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ. فَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ: مَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ إنْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا فَلَا إعَادَةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَخَذَتْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَخَذَتْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>