للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الْجُنُبُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، نَعَمْ إنْ كَفَى الْمُحْدِثَ دُونَهُ فَالْمُحْدِثُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ الْجُنُبِ.

(وَيَتَيَمَّمُ) الْمَعْذُورُ وُجُوبًا (لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُلِّ فَرْضٍ قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» ، فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ " وَلِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَمِثْلُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ فَرْضُ الطَّوَافِ، وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ طَوَافَيْنِ مَفْرُوضَيْنِ، وَبَيْنَ طَوَافِ فَرْضٍ وَفَرْضِ صَلَاةٍ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ؛ إذْ قِيلَ: إنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ

وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمِهِ غَيْرَ فَرْضٍ كَالْبَالِغِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ كَالْفَرْضِ فِي النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا. نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالنُّفَسَاءُ، وَكَانَ الْمُوَافِقُ لِلْعَرَبِيَّةِ: اجْتَمَعَتَا كَقَامَتَا وَقَعَدَتَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ. وَقَوْلُهُ: قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا يَصِحُّ أَفْضَلُهُمَا، وَفُضْلَاهُمَا عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَمَا لِمَعْرِفَةٍ أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ عَنْ ذِي مَعْرِفَةِ قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ كَفَى إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ أَوْ الْمَيِّتُ فَمَنْ يَكْفِيهِ قُدِّمَ، وَكَذَا لَوْ كَفَى أَحَدُ الْمَيِّتَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ الَّذِي لَا يَكْفِيهِ أَفْضَلَ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُحْدِثِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَيَمَّمُ الْمَعْذُورُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عُذْرُهُ حِسِّيًّا أَوْ شَرْعِيًّا، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْبَحْثِ الْخَامِسِ مِنْ مَبَاحِثِ التَّيَمُّمِ وَهُوَ خِتَامُهَا. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) عَيْنِيَّةٍ، وَلَوْ مَنْذُورَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ إلَّا طَوْفَةً، وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: إذَا قُمْتُمْ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ، وَالْمَعْنَى إذَا وُجِدَ مِنْكُمْ قِيَامٌ، وَهَذَا يَصْدُقُ بِكُلِّ قِيَامٍ لِلصَّلَاةِ. اهـ. عَزِيزِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيفٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ.

قَوْلُهُ: (فَرْضُ الطَّوَافِ) فَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ الْوَدَاعِ صَلَّى بِهِ فَرْضًا أَيْ إنْ لَمْ يَطُفْ، وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ نَفْلِ طَوَافٍ صَلَّى بِهِ نَفْلًا.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ طَوَافَيْنِ) كَطَوَافِ إفَاضَةٍ وَوَدَاعٍ، أَوْ طَوَافِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْفُرُوضِ. فَرْعٌ: لَوْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ، وَخَطَبَ وَلَمْ يُصَلِّ بِمَحَلِّ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ هَلْ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ فِيهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؟ قَالَ سم: لَهُ أَنْ يَخْطُبَ إنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي الْمَحَلِّ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْأَوَّلِ اهـ اج. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ ح ل أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْمَحَلِّ الْآخَرِ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي فَعَلَ بِهِ الْخُطْبَةَ الْأُولَى مُطْلَقًا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ، مَعَ أَنَّهُمَا فَرْضَانِ لِكَوْنِهِمَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِتَلَازُمِهِمَا، فَلَمَّا كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ صَارَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَاكْتُفِيَ لَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، بَلْ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (إذْ قِيلَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَكِنَّهُ قِيلَ: إنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ م د: لَا وَجْهَ لِلْإِتْيَانِ بِإِذَا اهـ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ خَبَرَ أَنَّ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ قَدْ اُلْتُحِقَتْ بِفَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، وَتَجْعَلُ إذْ عِلَّةً لِهَذَا الْخَبَرِ الْمُقَدَّرِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ م ر وَنَصُّهَا: لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ قَدْ الْتَحَقَتْ بِفَرَائِضِ الْأَعْيَانِ لِمَا قِيلَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمِهِ غَيْرَ فَرْضٍ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا صَلَاتَهُ بِالْفَرَائِضِ حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزُوهَا مِنْ قُعُودٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَوْ فَاتَهُمَا صَلَوَاتٌ، وَأَرَادَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قَضَاءَ مَا فَاتَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْجُنُونِ قَضَاهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالْبُلُوغِ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ فِيهِمَا، وَوَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>