عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ.
(وَالْمَيْتَةَ) وَهِيَ مَا زَالَتْ حَيَاتُهَا لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُحْرِمِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَمَا ذُبِحَ بِالْعَظْمِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ إذَا ذُبِحَ (كُلُّهَا نَجِسَةٌ) بِالْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَخَرَجَ بِالتَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ الْجَنِينُ، فَإِنَّ ذَكَاتَهُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَالصَّيْدُ الَّذِي لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ، وَالْمُتَرَدِّي إذَا مَاتَا بِالسَّهْمِ وَدَخَلَ فِي نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ جَمِيعُ أَجْزَائِهَا مِنْ عَظْمٍ وَشَعْرٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَيْتَةُ نَحْوِ دُودِ خَلٍّ وَتُفَّاحٍ، فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ، لَكِنْ لَا تُنَجِّسُهُ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ. (إلَّا) مَيْتَةَ (السَّمَكِ وَ) مَيْتَةَ (الْجَرَادِ) فَطَاهِرَتَانِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» . وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» . وَالْمُرَادُ بِالسَّمَكِ كُلُّ مَا أُكِلَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ، وَإِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَالْأُضْحِيَّةُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمَا لَا يُجْزِئُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَإِيجَابِ الْبَدَلِ) كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ صَيْدٍ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَجَبَ بَدَلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ. وَقَوْلُهُ: (وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ) فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ بِأَنْ كَانَ لَهُ كِتَابٌ أَوْ شُبْهَةُ كِتَابٍ أَقَرَّ هُوَ بِهَا أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُحْرِمِ) أَيْ فِي ذَبْحِ الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ الْمَأْكُولِ لَا مُطْلَقًا، فَلَوْ ذَبَحَ شَاةً فَلَا يَحْرُمُ مَذْبُوحُهُ، فَلَوْ صَالَ عَلَى الْمُحْرِمِ صَيْدٌ بَرِّيٌّ مَأْكُولٌ وَقَتَلَهُ فَلَا يَكُونُ مَيْتَةً. وَيُلْغَزُ: وَيُقَالُ لَنَا مُحْرِمٌ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ، فَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ لِصَيْدِ الْحَرَمِ الْوَحْشِيِّ مَيْتَةٌ مَا لَمْ يَصِلْ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَلَّ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ إذَا ذُبِحَ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَبْحَهُ حَرَامٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَيْتَةً مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ بِطَهَارَتِهَا. قَوْلُهُ: (جَمِيعُ أَجْزَائِهَا مِنْ عَظْمٍ وَشَعْرٍ إلَخْ) وَالشَّعْرُ الْمَجْهُولُ انْفِصَالُهُ هَلْ هُوَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ أَوْ لَا؟ أَوْ كَوْنِهِ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ؟ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَمِثْلُ الشَّعْرِ الْمَجْهُولُ حَالُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرِنَا مِنْ الْفِرَاءِ الَّتِي تُبَاعُ، وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُ حَيَوَانِهَا الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ أُخِذَتْ مِنْهُ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ؟ وَمِثْلُ الشَّعْرِ اللَّبَنُ إذَا شَكَكْنَا فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ التَّذْكِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا؟ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي ظَرْفٍ أَوْ لَا. وَعِبَارَةُ سم: لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ أَوْ فِي الشَّعْرِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ كَانَ مُلْقَى فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحِفْظِ مَا يُلْقَى مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا قِطْعَةَ لَحْمٍ وَشَكَكْنَا هَلْ هِيَ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ مَا لَمْ تَكُنْ فِي ظَرْفٍ أَيْ: فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَحَلٍّ غَلَبَ فِيهِ الْمَجُوسُ، وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَعْنِي نَحْوَ الشَّعْرِ وَاللَّبَنِ، وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً وَلِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ اللَّحْمِ الطَّاهِرِ، وَمِثْلُ الشَّعْرِ الْجِلْدُ وَالْعَظْمُ إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ مُذَكَّى الْمَأْكُولِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ اط ف. وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْقَرْنِ وَالظِّلْفِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ) وَإِنْ سَهُلَ تَمْيِيزُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ. اهـ. شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (إلَّا مَيْتَةَ السَّمَكِ إلَخْ) مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِإِعْرَابِ الْمَتْنِ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ مَعِيبٌ م د: وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ فِيهِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ وَهُوَ مَيْتَةٌ فَحُذِفَ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْتَصَبَ انْتِصَابَهُ. قُلْت: فِيمَا كَتَبَهُ ع ش عَلَى الْمُغْنِي أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فِي ذَلِكَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَتْنُ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَالطِّحَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ، فَلَوْ سُحِقَ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَصَارَا دَمًا فَهُمَا طَاهِرَانِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: «الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ) الْمُرَادُ بِهَا حَيَوَانَاتُ الْبَحْرِ الَّتِي يَجُوزُ أَكْلُهَا وَإِنْ لَمْ