للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ، وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ، وَأَخَفَّهُمَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَلْبَيْنِ مَثَلًا فَنَجِسٌ اتِّفَاقًا، وَإِذَا كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَيَنْطِقُ وَيَفْهَمُ، فَهَلْ يُكَلَّفُ نَظَرًا لِلصُّورَةِ؟ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْقَلْيُوبِيُّ: الْقِيَاسُ التَّكْلِيفُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ شَاتَيْنِ مَثَلًا وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرٌ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ، وَإِنْ صَارَ خَطِيبًا وَإِمَامًا. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَتْلِهِ قِيمَتُهُ، وَمَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّ مَيْتَةَ أَصْلَيْهِ كَذَلِكَ، وَيُكَلَّفُ إذَا كَانَ عَاقِلًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِيهِ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: لَنَا خَطِيبٌ يُذْبَحُ وَيُؤْكَلُ.

قَالَ شَيْخُنَا النُّورُ ع ش: وَأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا فِي الْمَمَاتِ، وَإِذَا صَارَ خَطِيبًا مَثَلًا وَصَلَّى وَأَتَى بِالْعِبَادَاتِ الْمَنُوطَةِ بِالْعَقْلِ ثُمَّ مَاتَ، فَهَلْ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُرَابًا نَظَرًا لِأَصْلَيْهِ أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَظَرًا إلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ؟ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ع ش، ثُمَّ اسْتَقْرَبَ دُخُولَ الْجَنَّةِ نَظَرًا لِلْعَقْلِ بِأَنَّهُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ، فَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ عَلَى صُورَةِ الْمَرْأَةِ هَلْ يَنْقُضُ بِمَسِّهِ أَوْ لَا؟ حَرِّرْهُ اعْتَمَدَ ع ش النَّقْضَ. وَأَمَّا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ سَمَكٍ وَغَيْرِهِ هَلْ تَكُونُ مَيْتَتُهُ نَجِسَةً؟ قَدْ يُقَالُ نَعَمْ عَلَى قِيَاسِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ يَتْبَعُ أَخَسَّ أَصْلَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. قَالَ حَجّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ وَطِئَ آدَمِيٌّ بَهِيمَةً فَوَلَدُهَا الْآدَمِيُّ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا اهـ. وَهُوَ نَفِيسٌ، وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ وَلَا يُؤْكَلُ نَظَرًا لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ وَمَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي الْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ خَرُوفٍ وَآدَمِيَّةٍ وَكَانَ عَلَى صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَرُوفِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً فَهُوَ حُرٌّ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَهُوَ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ تَبَعًا لِأَخَسِّ أَصْلَيْهِ، كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِيهَا، بَلْ لَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِانْتِفَاءِ اسْمِيَّةِ الْآدَمِيِّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّهُ دَقِيقٌ قَالَهُ شَيْخُنَا النُّورُ ع ش اهـ بِحُرُوفِهِ. وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ قَاسِمٍ: وَلَوْ مُسِخَ الْكَلْبُ آدَمِيًّا، فَيَنْبَغِي اسْتِصْحَابُ نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نُطَهِّرُ مَا كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ بِالشَّكِّ، وَلَوْ مُسِخَ الْآدَمِيُّ كَلْبًا فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ) أَيْ عَلَى الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ: (لِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ لَكِنَّ تَوَلُّدَهُ مِنْهَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي النَّجَاسَةَ إلَّا بِضَمِيمَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ) إلَخْ فَقَوْلُهُ: وَالْفَرْعُ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ الْعِلَّةِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ.

قَوْلُهُ: (لِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا) أَيْ مَعَ النَّجَاسَةِ أَيْ مِنْ ذِي النَّجَاسَةِ فَكَانَ مِثْلَهَا، وَلَا يُنْتَقَضُ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ؛ لِأَنَّنَا نَمْنَعُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخْلَقُ مِنْ نَفْسِ الْخَلِّ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ، وَالْخَرَزَةُ الْبَقَرِيَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الْبَقَرِ نَجِسَةٌ لِخَلْقِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ ارْتَضَعَ جَدْيٌ مِنْ كَلْبَةٍ أَوْ خِنْزِيرَةٍ فَنَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ لَبَنِهَا لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَصَحِّ شَرْحُ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: (وَأَشْرَفَهُمَا) أَيْ الْأَشْرَفَ مِنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِقَوْلِهِ:

يَتْبَعُ الْفَرْعُ فِي انْتِسَابٍ أَبَاهُ ... وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّهْ

وَالزَّكَاةِ الْأَخَفَّ وَالدِّينِ الْأَعْلَى ... وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ وَدِيَهْ

وَأَخَسَّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا وَذَبْحًا ... وَنِكَاحًا وَالْأُكُلَ وَالْأُضْحِيَّهْ

وَقَوْلُهُ: وَلَامٌ بِلَامٍ مَكْسُورَةٍ فَهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ؛ لِأَنَّ النَّظْمَ مِنْ الْخَفِيفِ وَدَخَلَ فِيهِ الْخَبْنُ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ تَابِعُ لَامٍ، قَوْلُهُ: (فِي الرِّقِّ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَظُنَّ الْوَاطِئُ فِي حَالِ وَطْئِهِ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَخَرَجَ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ، فَإِنَّ وَلَدَهَا حُرٌّ. وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ فَإِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مُتَوَلِّدًا بَيْنَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ وَنَعَامَةٍ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ. وَقَوْلُهُ وَدِيَّةٍ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كِتَابِيِّ وَمَجُوسِيِّ دِيَتُهُ دِيَةُ كِتَابِيٍّ. وَقَوْلُهُ: وَأَخَسَّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كَلْبَةٍ وَشَاةٍ فَهُوَ نَجِسٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْآدَمِيُّ الَّذِي تَوَلَّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَكَلْبَةٍ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ م ر.

وَقَوْلُهُ: وَذَبْحًا فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهُ إنْ كَانَ أُنْثَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَنِكَاحًا. وَقَوْلُهُ: وَالْأُكُلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ الْمَأْكُولُ قَالَ تَعَالَى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ رِجْسًا، فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>