انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ، أَوْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ وَوَسِعَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَجَبَ الْوُضُوءُ، وَإِزَالَةُ مَا عَلَى الْفَرْجِ مِنْ الدَّمِ.
(وَأَقَلُّ الْحَيْضِ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مِقْدَارُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً فَلَكِيَّةً (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الدِّمَاءُ، وَالْمُرَادُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ دَمُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِلَيْلَتِهِ كَأَنْ رَأَتْ الدَّمَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلِاسْتِقْرَاءِ، وَأَمَّا خَبَرُ: «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ» فَضَعِيفٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (وَغَالِبُهُ) أَيْ الْحَيْضِ (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ) وَبَاقِي الشَّهْرِ غَالِبُ الطُّهْرِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: تَحَيَّضِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْوُضُوءُ) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ لِلْعَادَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِهِ عَدَمُ عَوْدِهِ، فَلَوْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ تَبَيَّنَ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَجِبُ طُهْرٌ إنْ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَهُ، أَوْ فِيهِ لَا إنْ عَادَ قَرِيبًا. وَقَالَ ق ل حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ وَسِعَ زَمَنُ انْقِطَاعِهِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَمَا مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةٍ، وَلَا عَدَمِهَا.
قَوْلُهُ: (زَمَنًا) قَدَّرَهُ دَفْعًا لِمَا وَرَدَ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ فِيهِ الْإِخْبَارَ بِالزَّمَنِ عَنْ الْجُثَّةِ وَهُوَ الدَّمُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (أَيْ مِقْدَارَ) أَتَى بِذَلِكَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ رَأَتْهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنْ يَتَّصِلَ دِمَاؤُهُ بِحَيْثُ لَوْ وَضَعَتْ الْقُطْنَةَ لَتَلَوَّثَتْ اهـ اج وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ: أَقَلُّ زَمَنِهِ يَوْمٌ إلَخْ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذَلِكَ التَّمْيِيزَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَهُ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ فَقَالَ: وَأَقَلُّ زَمَنِهِ فَصَلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيَانَ عَنْ الْمَتْنِ فَقَالَ أَيْ: أَقَلُّ زَمَنِهِ بَعْدَ، وَأَقَلُّ أَدَّى إلَى طُولٍ فَمَا ذَكَرَهُ أَخَصْرُ وَأَوْلَى ع ش. وَفِيهِ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ هُنَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ بَلْ هُوَ أَخْصَرُ، وَأَظْهَرُ مِمَّا صَنَعَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مِقْدَارُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ وُجُودَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِمَعْنَاهُمَا اللُّغَوِيِّ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَسْقَطَ الشَّارِحُ لَفْظَ مُتَّصِلًا، وَزَادَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَيْ قَدْرُهُمَا مُتَّصِلًا قَالَ ح ل: هُوَ قَيْدٌ فِي تَحَقُّقِ الْأَقَلِّ فَقَطْ أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَقَلُّ فَقَطْ إلَّا إذَا رَأَتْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَاعَةً عَلَى الِاتِّصَالِ، وَأَمَّا لَوْ رَأَتْهَا مُتَفَرِّقَةً فِي أَيَّامٍ لَا يَكُونُ أَقَلَّ فَقَطْ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ شَيْخِنَا. رَأَتْ دِمَاءً مُتَقَطِّعَةً يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهَا عَنْ يَوْمٍ، وَإِذَا جُمِعَ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى الِاتِّصَالِ، فَيَكُونُ كَافِيًا فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ لَهُ صُورَتَانِ: أَقَلُّ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مَعَ غَيْرِهِ إمَّا مَعَ الْغَالِبِ أَوْ مَعَ الْأَكْثَرِ اهـ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ زَمَنًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الدِّمَاءُ) فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ لِلدِّمَاءِ إشَارَةٌ إلَى قِرَاءَةِ الْفِعْلِ بِفَوْقِيَّتَيْنِ، وَيَجُوزُ بِتَحْتِيَّةٍ فَفَوْقِيَّةٍ، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَكَانَ وَقْتُ الدِّمَاءِ مَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً كَمَا قَالَهُ ح ل. وَيُقَالُ لِهَذَا أَقَلُّ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) لَوْ قَالَ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ اللَّيَالِيُ عَلَى الْأَيَّامِ أَوْ تَأَخَّرَتْ لَكَانَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ، وَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُمَا مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِقْرَاءِ) ؛ إذْ لَا ضَابِطَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لُغَةً وَلَا شَرْعًا فَرُجِعَ فِيهِ إلَى الْمُتَعَارَفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ. وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْرَاءِ النَّاقِصُ وَهُوَ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ فَيُفِيدُ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَتَبُّعٌ لِأَكْثَرِ الْجُزْئِيَّاتِ بَلْ يُكْتَفَى بِتَتَبُّعِ الْبَعْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ كَمَا هُنَا، وَهَذَا مَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ. وَفِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ قَالُوا: لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ ثُمَّ الْعُرْفِيِّ ثُمَّ اللُّغَةِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَةِ فِي بَيَانِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ بَيَانِ الضَّابِطِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي هُوَ كَالْقَاعِدَةِ، وَيَجُوزُ أَنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ أَيْ لِلضَّابِطِ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ لِلِاسْتِقْرَاءِ عَنْ ذِكْرِ الْغَالِبِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ فَلَوْ أَخَّرَ هَذَا إلَى هُنَا لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَ غَالِبُ الْحَيْضِ، خُصُوصًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ مُعْتَادَةٌ فَرُدَّتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute