للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْعَكْسِ فَلِلْيَقِينِ مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ حُكْمُهُ، وَهِيَ فِي الزَّمَنِ الْمُحْتَمِلِ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ كَنَاسِيَةٍ لَهُمَا فِيمَا مَرَّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ حَيْضٌ إنْ وَلَدَتْ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ بِلَا تَخَلُّلِ نَقَاءٍ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْأَخْبَارِ، وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءِ أَقَلِّ الْحَيْضِ فَأَكْثَرُ حَيْضٌ تَبَعًا لَهَا بِشُرُوطٍ، وَهِيَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ تَنْقُصْ الدِّمَاءُ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ مُحْتَوِشًا بَيْنَ دَمَيْ حَيْضٍ، فَإِذَا كَانَتْ تَرَى وَقْتًا دَمًا وَوَقْتًا نَقَاءً، وَاجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ حَكَمْنَا عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُ حَيْضٌ، وَهَذَا يُسَمَّى قَوْلَ السَّحْبِ، وَقِيلَ إنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إذَا دَلَّ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ، وَهَذَا يُسَمَّى قَوْلَ اللَّقْطِ.

(وَأَقَلُّ) دَمِ (النِّفَاسِ) (مَجَّةٌ) أَيْ دَفْعَةٌ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَحْظَةٌ، وَهُوَ زَمَنُ الْمَجَّةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ أَيْ: لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ كَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْلِيدِ وَاحِدٌ وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النِّفَاسِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا. وَيُقَالُ لِذَاتِ النِّفَاسِ نُفَسَاءُ. بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَخِيرَانِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّانِي صَحَّ الطَّرَفَانِ أَيْ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ الْأَوَّلَانِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ الطُّهْرِ مَعَ الْيَوْمِ الْمُلَفَّقِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالسَّادِسَ عَشَرَ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَطُرُوئِهِ نَهَارًا، فَإِذَا طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ آخِرُهُ فِي أَثْنَاءِ السَّادِسَ عَشَرَ وَلَمْ يَصِحَّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَيْضَ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ اللَّذَانِ قَبْلَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ذَكَرَتْ الْوَقْتَ إلَخْ) وَالذَّاكِرَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ: فَتَغْتَسِلُ فِيهِ لِكُلِّ فَرْضٍ. وَالذَّاكِرَةُ لِلْقَدْرِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الشَّهْرِ لَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا، وَأَعْلَمُ أَنِّي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ طَاهِرٌ فَالسَّادِسُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَالْأَوَّلُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ كَالْعَشَرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الْخَامِسِ مُحْتَمِلٌ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ أَيْ: فَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ فَرْضٍ وَلَا تَغْتَسِلُ، وَالسَّابِعُ إلَى آخِرِ الْعَاشِرِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَلِلِانْقِطَاعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ طَرَأَ الْحَيْضُ فِي الثَّانِي فَيَنْقَطِعُ فِي السَّابِعِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّالِثِ انْقَطَعَ فِي الثَّامِنِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الرَّابِعِ انْقَطَعَ فِي التَّاسِعِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الْخَامِسِ، يَنْقَطِعُ فِي الْعَاشِرِ، فَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ إلَّا عِنْدَ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ حَيْضٌ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَرْجَحِ قَوْلَيْهِمَا أَنَّهَا تَحِيضُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ: إنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ وَمَا تَرَاهُ مِنْ الدَّمِ فَهُوَ دَمُ فَسَادٍ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا تَصُومُ وَلَا تَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ، وَعَلَى الثَّانِي تَصُومُ وَتُصَلِّي.

قَوْلُهُ: (وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ) أَيْ قَدْرُ أَقَلِّهِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَقَلُّهُ مَعَ النَّقَاءِ ق ل، وَمُرَادُهُ الْأَقَلُّ فِي ضِمْنِ الْأَكْثَرِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الِاتِّصَالُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ النَّقَاءُ حِينَئِذٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ إلَخْ مُسَامَحَةٌ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْأَقَلَّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقَاءٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ غَالِبُهُ إلَخْ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْأَكْثَرَ، وَالْغَالِبَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الِاتِّصَالُ فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا النَّقَاءُ بَيْنَ دَمِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ إلَخْ) أَيْ لَا يُجَاوِزَ النَّقَاءُ مَعَ الْحَيْضِ الَّذِي مَعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَا النَّقَاءُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً لَا حَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ) ضَعِيفٌ وَعَلَيْهِ فَتَصُومُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِتَكَرُّرِهِ.

قَوْلُهُ: (اللَّقْطِ) بِالْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَالنَّصْرِ وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ لَقَطَ كَنَصَرَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ مَجَّةٌ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِلَّا فَهُوَ حَيْضٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دُفْعَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ إنْ أُرِيدَ الْمَدْفُوعُ وَبِفَتْحِهَا إنْ أُرِيدَ الْمَرَّةُ مِنْ الدَّفَعَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النِّفَاسِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ لَا خُرُوجِهِ. قَوْلُهُ: (لَحْظَةٌ) وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ زَمَنٌ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمَتْنِ مَجَّةٌ أَيْ دَفْعَةٌ لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّهَا ذَاتٌ وَمَا بَعْدَهَا زَمَانٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل: وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ هَذَا الْأَنْسَبِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرٌ لِحَقِيقَةِ النِّفَاسِ الَّتِي هِيَ الدَّمُ لَا زَمَنِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْلِيدِ) كِتَابٌ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ.

قَوْلُهُ: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>