للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلَّا نَاقَةٌ عُشَرَاءُ فَجَمْعُهَا عِشَارُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: ٤] وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ نَفُسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَيُقَالُ فِيهَا نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا (وَغَالِبًا أَرْبَعُونَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ يَوْمًا» فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فَقِيلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ، فَأَوَّلُهُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ مِنْ الْخُرُوجِ لَا مِنْهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسُ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ، لَكِنْ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْ السِّتِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَعْنِي النُّوقَ الْحَوَامِلَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا وَاحِدَتُهَا عُشَرَاءُ، عُطِّلَتْ تُرِكَتْ هَمَلًا بِلَا رَاعٍ وَقَدْ كَانُوا مُلَازِمِينَ لِأَذْنَابِهَا وَلَمْ يَكُنْ مَالٌ أَعْجَبَ إلَيْهِمْ مِنْهَا لِمَا جَاءَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ. اهـ. خَازِنٌ، وَقَوْلُهُ لِمَا جَاءَهُمْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ عُطِّلَتْ. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْغَالِبِ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ لَا مِنْ الْوِلَادَةِ قَالَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ رُؤْيَةُ الدَّمِ عَنْ الْوِلَادَةِ أَيْ: دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ زَمَنُ النَّقَاءِ نِفَاسًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَصِحُّ غُسْلُهَا عَقِبَ وِلَادَتِهَا أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ الدَّمِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُصَلِّي حِينَئِذٍ، وَفِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ أَيْ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْهُمَا أَيْ عَدَدًا لَا حُكْمًا أَيْ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ فِيهِ قَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا أَيْ: فَالْأَحْكَامُ تَثْبُتُ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَالْمُدَّةِ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ. قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ رَدًّا عَلَى الْبُلْقِينِيُّ: حِسَابُ النَّقَاءِ مِنْ السِّتِّينَ أَيْ أَوْ الْأَرْبَعِينَ مِنْ غَيْرِ جَعْلِهِ نِفَاسًا فِيهِ تَدَافُعٌ بِخِلَافِ جَعْلِ ابْتِدَاءِ النِّفَاسِ مِنْ الدَّمِ. اهـ. ح ل.

النَّقَاءِ مِنْ السِّتِّينَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ؛ إذْ كَيْفَ تَقْضِي بَعْضَ مُدَّةِ النِّفَاسِ اهـ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ أَكْثَرَهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ.

قَوْلُهُ: (بِالْوُجُودِ) أَيْ اسْتِقْرَاءُ مَا وُجِدَ مِنْ نِفَاسِ النُّفَسَاءِ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) هِيَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ كُنِّيَتْ بِابْنِهَا سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ. قَوْلُهُ: (تَجْلِسُ) أَيْ تَدُومُ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا إذَا نَزَلَ الدَّمُ عَقِبَ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَأَوَّلُهُ فِيمَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ فَقِيلَ إلَخْ. وَيَقُولُ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّمُ عَنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَقِيلَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَقِيلَ مِنْ نُزُولِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ لِقَوْلِهِ فَقِيلَ إلَخْ. مُقَابِلًا، وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَقِيلَ: أَقَلُّ الطُّهْرِ يَصْدُقُ بِتَأَخُّرِ الدَّمِ عَنْ نُزُولِ الْوَلَدِ فَيَقْتَضِي أَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَيُنَافِي قَوْلُهُ فَأَوَّلُهُ إلَخْ. تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ الْبُلْقِينِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ نِسْبَةً إلَى بُلْقِينَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ: قَرْيَةٌ بِمِصْرَ اهـ اج. قَوْلُهُ: (لَكِنْ صَرَّحَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ فَزَمَنُ النَّقَاءِ نِفَاسٌ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ.

قَوْلُهُ: (وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَالْأَحْكَامُ مِنْ حِينِ رُؤْيَةِ الدَّمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا) مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى هَذَا) أَيْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ قَوْلُهُ: وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَلْزَمُهَا) اعْتَمَدَ هَذَا شَيْخُنَا م ر وَجَوَّزَ وَطْءَ زَوْجِهَا لَهَا. وَاعْتَمَدَ فِطْرَهَا مِنْ الصَّوْمِ وَخَالَفَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ خُصُوصًا مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>