للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إلَّا بِخَيْرٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

(وَ) السَّابِعُ (الْوَطْءُ) وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] وَوَطْؤُهَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَائِزٌ. قَالَ حَجّ: وَمِثْلُهُ سَجْدَتَا التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَخَالَفَهُ م ر فِيهِمَا. وَفَرَّقَ بِأَنَّهُمَا فِعْلٌ وَاحِدٌ يَمْتَنِعُ قَطْعُهُ بِخِلَافِ الطَّوَافِ رَحْمَانِيٌّ. قَالَ اط ف: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مُسْتَحَبَّاتُهَا مِنْ نَحْوِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْخُشُوعِ وَمَكْرُوهَاتُهَا كَضَمِّ الشُّعُورِ وَالثِّيَابِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِكْمَةُ مِنْ السُّجُودِ مَعَهُ لَا تَتَأَتَّى هُنَا. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ) فِيهِ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ غَيْرَ الْكَلَامِ أَيْضًا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْكَلَامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَصَّهُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ. وَقَالَ ع ش عَلَى م ر: لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ حُرِّمَ اهـ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ إلَخْ اسْتِثْنَاءُ حِلِّ الْكَلَامِ فَقَطْ يَقْتَضِي حُرْمَةَ غَيْرِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِدْبَارِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ ذَلِكَ أَيْ الْأَكْلُ وَمَا بَعْدَهُ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ غَيْرَ الْكَلَامِ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ كَانَ لِفَائِدَةٍ، وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَلَامِ الْقَبِيحِ حَالَةَ الطَّوَافِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ إذَا كَانَ لِنُكْتَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ فَتَأَمَّلْ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْوَطْءُ) وَلَوْ بِحَائِلٍ ثَخِينٍ كَأُنْبُوبَةٍ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَخَفْ الزِّنَا فَإِنْ خَافَهُ جَازَ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقٌ لِدَفْعِهِ كَمَا قَالَهُ م ر. بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ، وَقِيَاسُهُ حِلُّ الِاسْتِمْنَاءِ إنْ تَعَيَّنَ لِلدَّفْعِ سم، فَلَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْ الزِّنَا وَالِاسْتِمْنَاءِ تَعَيَّنَ الِاسْتِمْنَاءُ لِخِفَّتِهِ اج. وَلَوْ تَعَارَضَ الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِهِ قُدِّمَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ حِلٌّ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِأَنَّ حُرْمَتَهُ لِعَارِضٍ، وَهُوَ مُجَاوَرَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ وَكَوْنُهُ يُورِثُ عِلَّةً مُؤْلِمَةً لِلْمُجَامِعِ، وَإِجْذَامُ الْوَلَدِ لَيْسَ أَمْرًا مُحَقَّقًا، بِخِلَافِ الِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ، وَيُحْتَمَلُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ خِلَافُهُ. اهـ. ع ش. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الْحَيْضِ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ بِخِلَافِ الِاسْتِمْنَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا اهـ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدُ قَالَ بِجَوَازِهِ عِنْدَ هَيَجَانِ الشَّهْوَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ صَغِيرَةٌ، قَالَ النَّسَّابَةُ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْأَنْكِحَةِ لِابْنِ الْعِمَادِ فَرْعٌ: الِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ حَرَامٌ، وَعِنْدَ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْمَذْهَبُ الْجَزْمُ بِتَحْرِيمٍ وَفِي الْجَدِيدِ: نَاكِحُ يَدِهِ مَلْعُونٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ أَقْوَامًا يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْدِيهِمْ حَبَالَى» ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ جَسَدِهَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي اهـ قَالَ ع ش: وَبَقِيَ مَا لَوْ دَارَ الْحَالُ بَيْنَ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَبَيْنَ الزِّنَا هَلْ يُقَدَّمُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ الزِّنَا؟ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِي الدُّبُرِ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِدَفْعِ الزِّنَا، وَالْأَقْرَبُ أَيْضًا حِلُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الِاسْتِمْنَاءَ بِيَدِهِ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا. قَالَ السَّيِّدُ النَّسَّابَةُ: وَكَمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ يَحْرُمُ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا سَوَاءٌ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» وَفِي لَفْظٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» . وَإِتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا مِنْ الْعَظَائِمِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَيْضًا، وَإِذَا وَطِئَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ، وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ قَوْلَانِ كَوَطْءِ الْأُخْتِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالْمَذْهَبُ لَا حَدَّ بِوَطْءِ الْأُخْتِ الْمَمْلُوكَةِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، لَكِنْ لَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الْإِحْصَانِ بَلْ وَاجِبُهُ التَّعْزِيرُ، فَإِنَّ الْمُحْصِنَ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَفِيفُ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَلَوْ مَكَّنَ امْرَأَتَهُ وَأَمَتَهُ مِنْ اللَّعِبِ بِذِكْرِهِ فَأَنْزَلَ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي أَوَّلِ فَتَاوِيهِ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَزْلِ. وقَوْله تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>