الْقِرَاءَةُ بِعَكْسِ الْآيِ لَا بِعَكْسِ السُّوَرِ، وَلَكِنْ تُكْرَهُ إلَّا فِي تَعْلِيمٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِلتَّعْلِيمِ، وَيَحْرُمُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِلَا عِلْمٍ وَنِسْيَانُهُ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ كَبِيرَةٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ: أُنْسِيت كَذَا لَا نَسِيته؛ إذْ لَيْسَ هُوَ فَاعِلُ النِّسْيَانِ، وَيُنْدَبُ خَتْمُهُ أَوَّلَ نَهَارٍ أَوْ لَيْلٍ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ وَحُضُورُهُ وَالشُّرُوعُ بَعْدَهُ فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى، وَكَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ، وَقَدْ أَفْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَهُ م د وَقَوْلُهُ كَنَصْبِ آدَمَ وَكَلِمَاتٍ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَنَصْبُ آدَمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ الَّتِي فِيهَا نَصْبُ آدَمَ وَرَفْعُ كَلِمَاتٍ وَنَصْبُ كَلِمَاتٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ فَنَصَبُهُمَا مُلَفَّقٌ مِنْ الْقِرَاءَتَيْنِ وَكَذَلِكَ رَفْعُهُمَا، فَرَفْعُ آدَمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَرَفْعُ كَلِمَاتٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مُرْتَبِطًا بِالْأُولَى، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ فَيُكْرَهُ.
قَوْلُهُ: (بِعَكْسِ الْآيِ) وَمِثْلُهُ عَكْسُ الْكَلِمَاتِ أَوْ عَكْسُ الْحُرُوفِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ إعْجَازَهُ وَيُزِيلُ حِكْمَةَ التَّرْتِيبِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِلتَّعْلِيمِ) وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَقَعُ مُتَفَرِّقًا.
قَوْلُهُ: (بِلَا عِلْمٍ) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى أَلْفَاظِهِ أَوْ مَعْنَى كَلِمَاتِهِ أَوْ مَعْنَى تَرَاكِيبِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَنِسْيَانُهُ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ كَبِيرَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ حَفِظَهُ قَبْلَهُ ق ل. وَضَابِطُهُ أَنْ يَنْقُصَ عَمَّا كَانَ يَقْرَؤُهُ، وَلَوْ نَظَرًا فِي الْمُصْحَفِ، وَلَوْ كَانَ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ بِهِ، وَاشْتِغَالٍ بِصَنْعَةٍ رَحْمَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خَتْمِهِ وَيَتَأَكَّدُ الصَّوْمُ يَوْمَ خَتْمِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ وَيَجُوزُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ فِي رَفِّ خِزَانَةٍ وَوَضْعُ نَحْوِ تَرْجِيلٍ فِي رَفٍّ أَعْلَى مِنْهُ وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا اهـ. كَذَا بِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ م د.
قَوْلُهُ: (وَحُضُورُهُ) أَيْ الْخَتْمِ أَيْ حُضُورُ مَجْلِسِهِ.
١ -
خَاتِمَةٌ: تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِأَنْ تَحْفَظَهُ عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، تَعَلُّمُ وَاحِدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعٍ بِحَيْثُ يَظْهَرُ حُفَّاظُهُ، أَوْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ ذَلِكَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَلَا يَكْفِي فِي الْإِقْلِيمِ مُفْتٍ بَلْ يَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ، وَفِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى قَاضٍ وَحَافِظُ الْقُرْآنِ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِحِفْظِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ دُونَ فَرْضِ الْعَيْنِ مِنْهَا، وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلصَّبِيِّ فِي مَالِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَصْلَحَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تَعْلِيمِهِ صَنْعَةً يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا مَعَ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ، وَعَدَمِ تَيَسُّرِ النَّفَقَةِ لَهُ إذَا اشْتَغَلَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ شُغْلُهُ بِهِ وَلَا بِتَعْلِيمِ الْعِلْمِ، بَلْ يُشْغِلُهُ بِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ النَّجَابَةِ، نَعَمْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ عِبَادَتِهِ يَجِبُ تَعْلِيمُهُ لَهُ وَلَوْ بَلِيدًا، وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَفِي مَالِ وَلِيِّهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فَقِيهًا كَمَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ خَيْمَةٌ مِنْ نُورٍ يَهْتَدِي بِهَا أَهْلُ السَّمَاءِ كَمَا يُهْتَدَى بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ وَفِي الْأَرْضِ الْقَفْرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ رُفِعَتْ تِلْكَ الْخَيْمَةُ فَتَنْظُرُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ السَّمَاءِ فَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فَتَتَلَقَّاهُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ، فَتُصَلِّي عَلَى رُوحِهِ ثُمَّ تَسْتَغْفِرُ لَهُ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَعْلَمُ كِتَابَ اللَّهِ، ثُمَّ صَلَّى سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا أَوْصَتْ بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَنْ نَبِّهِيهِ لِسَاعَتِهِ، وَأَنْ تَكُونِي عَلَيْهِ خَفِيفَةً، فَإِذَا مَاتَ جَاءَ الْقُرْآنُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ جَمِيلَةٍ فَوَقَفَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَتَدَرَّجَ فِي أَكْفَانِهِ فَيَكُونُ الْقُرْآنُ عَلَى صَدْرِهِ دُونَ الْكَفَنِ، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَتْ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَيُجْلِسَانِهِ فِي قَبْرِهِ، فَيَجِيءُ الْقُرْآنُ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَيَقُولَانِ لَهُ: إلَيْك عَنْهُ أَيْ تَنَحَّ عَنْهُ حَتَّى نَسْأَلَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إنَّهُ لَصَاحِبِي وَخَلِيلِي، فَإِنْ كُنْتُمَا أُمِرْتُمَا بِشَيْءٍ فَامْضِيَا لِمَا أُمِرْتُمَا وَدَعَانِي مَكَانِي، فَإِنِّي لَسْت أُفَارِقُهُ حَتَّى أُدْخِلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute