للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَرْعًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغَالِبِ فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ غَيْرَ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ لِقَوْلِهِمْ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ إطْلَاقًا لِاسْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثَانٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ لِتَضَمُّنِهَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ) وَالْأَقْوَالُ الْوَاجِبَةُ خَمْسَةٌ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى وَالْأَفْعَالُ الْوَاجِبَةُ ثَمَانِيَةٌ: النِّيَّةُ وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالِاعْتِدَالُ وَالسُّجُودُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ وَلِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَالتَّرْتِيبُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَقْوَالِ هُنَا وَالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ الْفِعْلَ الْقَلْبِيَّ فَدَخَلَتْ النِّيَّةُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ.

قَوْلُهُ: (بِشَرَائِطَ) هَذَا لَيْسَ مِنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ التَّعْرِيفِ، إذْ الْمَاهِيَّةُ تَتَحَقَّقُ فِي الذِّهْنِ بِدُونِهَا كَمَا أَنَّهَا تُوجَدُ فِي الْخَارِجِ بِدُونِهَا كَمَنْ صَلَّى مُحْدِثًا غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ. اهـ. ع ش عَلَى الْغَزِّيِّ.

قَوْلُهُ: (فَتَدُلُّ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) الْأُولَى وَتَدْخُلُ بِالْوَاوِ. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَتَدْخُلُ. قَوْلُهُ (يَشْمَلُ الْوَاجِبَ) إلَخْ وَالْأَفْعَالُ الْوَاجِبَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هِيَ الْقِيَامَاتُ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ فِعْلٍ مُسْتَقِلٍّ. وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِمْ إلَخْ. عِلَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ غَيْرَ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ أَيْ: وَالشَّيْءُ قَدْ يُفْتَتَحُ بِمَا هُوَ مِنْهُ كَافْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِالْفَاتِحَةِ وَكَمَا هُنَا وَقَدْ يُفْتَتَحُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ التَّعْرِيفَ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ صَلَاةِ الْأَخْرَسِ وَغَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ صَلَاةَ الْأَخْرَسِ لَا تَرِدُ لِنُدْرَتِهَا وَسَجْدَتِي التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ خَارِجَتَانِ بِلَفْظِ أَفْعَالٍ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِعْلٌ وَاحِدٌ مُفْتَتَحٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمٌ بِالتَّسْلِيمِ هَكَذَا أَجَابَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لَيْسَتَا فِعْلًا وَاحِدًا لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى النِّيَّةِ وَالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَيْ بِقَوْلِهِ فِي الْغَالِبِ، إذَا لَا أَفْعَالَ فِيهَا وَكَذَا صَلَاةُ الْمَرِيضِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْأَخْرَسِ فِيهَا بَدَلٌ عَنْ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِلِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ إلَيْهَا، لَكِنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ عَرَضَ خَرَسُهُ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَالْقِيَامَاتُ فِيهَا أَفْعَالٌ، وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ فِيهَا إجْرَاءُ الْأَرْكَانِ عَلَى قَلْبِهِ فَفِيهَا فِعْلُ الْقَلْبِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْغَالِبِ يُدْخِلُ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، فَالْمُرَادُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ وَلَوْ حُكْمًا، وَالتَّعْرِيفُ بِاعْتِبَارِ وَضْعِ الصَّلَاةِ شَرْعًا فَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ مَانِعٍ كَخَرَسٍ وَمَرَضٍ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ) تَعْرِيفُهُ عَلَى كَوْنِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ لِلْغَالِبِ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إدْخَالَهُمَا لَا إخْرَاجَهُمَا، وَكَانَ الصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ. وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْأَخْرَسِ لَمَّا كَانَ فِيهَا أَفْعَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِيهَا أَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَفَى فِي إدْخَالِهِمَا النَّظَرُ لِلْغَالِبِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لَمَّا كَانَا فِعْلًا وَاحِدًا عُرْفًا خَرَجَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّكْبِيرِ الْمَقْرُونِ بِهِ النِّيَّةُ وَالتَّسْلِيمُ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ إلَخْ. فَبَقِيَ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَجْدَةِ إلَخْ. لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الْخَلَلِ وَالتَّنَاقُضِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ فَقَطْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَتَخْرُجُ السَّجْدَتَانِ اهـ بِالْحَرْفِ. وَفِي دُخُولِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَرِدُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَوْلَهُمْ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ. وَقَوْلُهُمْ أَقْوَالٌ إلَخْ. فَيَجْعَلُهُ فَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ. اقْتَضَى إدْخَالَهُمَا لَا إخْرَاجَهُمَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَحَطَّ الْعِلَّةِ وَالْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ قَوْلُهُ غَيْرَ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ، إذْ الْمَقْصُودُ إنَّهُمَا لَمْ يَشْتَمِلَا إلَّا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ بَعْدَ إخْرَاجِ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهُمَا، فَلَمْ يَدْخُلَا فِي التَّعْرِيفِ، وَإِنْ كَانَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ صَحَّ لَكِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ وَتَدْخُلُ صَلَاةٌ بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ التَّكْبِيرِ) صِفَةٌ لِلْوَاجِبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مُفْتَتَحًا بِهِ الشَّيُّ أَوْ مُخْتَتَمًا بِهِ لَيْسَ مِنْهُ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ النِّيَّةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ أَرْكَانِ الْعِبَادَاتِ وَالتَّسْلِيمَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رُكْنُ الشَّيْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>