للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فِي السَّادِسَةِ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَمَرِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهَا. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ، وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ. وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبُعِهِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَلَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَسَيَأْتِي، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ، وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا وَلَا عُذْرَ وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً، وَيَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الِاسْتِوَاءِ.

قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ الْوَقْتِ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا مِنْ آخِرِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ.

قَوْلُهُ: (مِثْلُ رُبُعِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِمَا طُلِبَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَفِعْلِهَا وَفِعْلِ سُنَنِهَا هـ اج. وَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا.

قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ) أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يُخْتَارُ عَدَمُ التَّأْخِيرِ عَنْهُ شَرْعًا. اهـ. مُنَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ) وَحِينَئِذٍ فَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ وَالْقَاضِي إلَخْ. تَسَمُّحٌ وَوَجْهُ التَّسَامُحِ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَالْحُرْمَةِ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَالِاخْتِيَارِ.

قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ حُرْمَةٍ) أَيْ وَقْتٌ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: وَوَقْتُ حُرْمَةٍ نُوزِعَ فِيهِ، فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهَا لَا إيقَاعُهَا فِيهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ وَقْتَ حُرْمَةٍ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِوَقْتِ الْحُرْمَةِ مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ لَا مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ، وَنَظِيرُهُ يَجْرِي فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا. سم عَلَى الْبَهْجَةِ: وَكَأَنَّ هَذَا الْمُنَازِعَ مَا فَهِمَ قَطُّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ وَهُوَ تَعَلُّقُ مَا بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَلَا خَفَاءَ فِي ثُبُوتِ هَذَا التَّعَلُّقِ هُنَا، فَإِنَّ الْحُرْمَةَ وَصْفٌ لِلتَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ مُلَابَسَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ عِنْدَ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ اهـ فَلَهَا سِتَّةُ أَوْقَاتٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً) بِأَنْ وَقَعَ مِنْهَا رَكْعَةٌ فِي الْوَقْتِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ كَمَا إذَا سَافَرَ وَقَدْ أَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنَّهُ يَقْصُرُهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤَدَّاةً بِأَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلَا يَصِحُّ قَصْرُهَا؛ لِأَنَّهَا فَائِتَةُ حَضَرٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. قَالَ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ أَدْرَكَ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ بِسُنَنِهَا يَفُوتُ الْوَقْتُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ السُّنَنَ اهـ.

وَحَاصِلُهُ: إنْ كَانَ الْبَاقِي يَسَعُ جَمِيعَ أَرْكَانِهَا وَلَا يَسَعُ مَعَ ذَلِكَ سُنَنَهَا، فَيَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ وَإِنْ لَزِمَ إخْرَاجُ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَدِّ بَلْ الْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فِيهَا وَلَا مَحْذُورَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهَا وَهُوَ جَائِزٌ بِالْمَدِّ. قَالَ م د: لَا يُقَالُ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْمَدِّ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَّ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ وَهَذَا مَطْلُوبٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ يُشْبِهُ الْمَدَّ مِنْ جِهَةٍ دُونَ أُخْرَى، فَلِشَبَهِهِ بِالْمَدِّ جَازَ وَلِكَوْنِهِ فِيهِ مُحَافَظَةٌ عَلَى سُنَنِ الصَّلَاةِ كَانَ أَفْضَلَ قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ لَا يَسَعُ جَمِيعَ أَرْكَانِهَا، فَلَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ، وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ سم عَلَى التُّحْفَةِ. وَلَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَمَدَّ بِالتَّطْوِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ ذِكْرٍ أَوْ سُكُوتٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ جَازَ بِلَا حُرْمَةٍ وَلَا كَرَاهَةٍ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى وُقُوعِ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، لَكِنَّهُ إنْ أَوْقَعَ رَكْعَةً أَيْ فِي صُورَةِ الْمَدِّ الْجَائِزِ كَانَتْ أَدَاءً وَإِلَّا كَانَتْ قَضَاءً لَا إثْمَ فِيهِ، وَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدَّ هُوَ التَّطْوِيلُ بِغَيْرِ السُّنَنِ، بَلْ هُوَ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ أَوْ الذِّكْرُ أَوْ بِالسُّكُوتِ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ اهـ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ وَقْتُ الضَّرُورَةِ وَوَقْتُ الْحُرْمَةِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَوْقَاتَ مِنْهَا مَا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَهُوَ الْفَضِيلَةُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْجَوَازُ بِلَا كَرَاهَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>