حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ أَوْ بِحُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءِ الْيَمَنِ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ.
فَلَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ الزَّوَالُ عَقِبَ التَّكْبِيرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَصِحَّ الظُّهْرُ، وَإِنْ كَانَ التَّكْبِيرُ حَاصِلًا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهِ. (وَآخِرُهُ) أَيْ وَقْتُ الظُّهْرِ (إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ) أَيْ سِوَى (ظِلِّ الزَّوَالِ) الْمَوْجُودِ عِنْدَ الزَّوَالِ، وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الزَّوَالِ فَاعْتَبِرْهُ بِقَامَتِك أَوْ شَاخِصٍ تُقِيمُهُ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ وَعَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ، فَمَا زَالَ الظِّلُّ يَنْقُصُ مِنْ الْخَطِّ فَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَإِنْ وَقَفَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فَهُوَ وَقْتُ الِاسْتِوَاءِ، وَإِنْ أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ عُلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَقَامَةُ كُلِّ إنْسَانٍ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ بِقَدَمِهِ. وَالشَّمْسُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَرْبَابِ عِلْمِ الْهَيْئَةِ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْجَلَالِ. وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْقُوتِ: وَالزَّوَالُ ثَلَاثَةٌ: زَوَالٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَزَوَالٌ تَعْلَمُهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ، وَزَوَالٌ يَعْلَمُهُ النَّاسُ. قَالَ: وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ جِبْرِيلَ هَلْ زَالَتْ الشَّمْسُ؟ قَالَ: لَا نَعَمْ. قَالَ: مَا مَعْنَى لَا نَعَمْ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ فَلَكِهَا بَيْنَ قَوْلِي لَا نَعَمْ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» اهـ. وَقَوْلُهُ بَيْنَ قَوْلِي لَا نَعَمْ فِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ أَيْ بَيْنَ قَوْلِي لَا وَقَوْلِي نَعَمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥] أَيْ بَيْنَ أَحَدٍ وَأَحَدٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى مُتَعَدِّدٍ. وَالظِّلُّ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ يَخْلُقُهُ اللَّهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ هُوَ عَدَمَ الشَّمْسِ، كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ أَنَّ لِلْجَنَّةِ ظِلًّا مَمْدُودًا مَعَ أَنَّهُ لَا شَمْسَ بِهَا وَالْفَيْءُ أَخَصُّ مِنْ الظِّلِّ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ إلَخْ) أَيْ الْمَيْلُ فِي الظَّاهِرِ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ) أَيْ وَحُدُوثُ الظِّلِّ بَعْدَ عَدَمِهِ يُوجَدُ إلَخْ. ق ل.
قَوْلُهُ: (فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ) فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَكَّةَ قَبْلَهُ بِنَيِّفٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ ق ل. فَائِدَةٌ: ذَكَرَ السُّيُوطِيّ لِظِلِّ الِاسْتِوَاءِ فِي الْإِقْلِيمِ الْمِصْرِيِّ أَقْدَامًا مُرَتَّبَةً عَلَى الشُّهُورِ الْقِبْطِيَّةِ لِكَوْنِهَا لَا تَخْتَلِفُ فِي قَوْلِهِ:
جَمَعْتهَا فِي قَوْلِي الْمَشْرُوحِ ... جُمْلَتُهَا طزه جبا أبدوحي
فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا كُلُّ حَرْفٍ بِشَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْقِبْطِيَّةِ، فَأَوَّلُ الْأَحْرُفِ الطَّاءُ وَلَهَا تِسْعَةٌ مِنْ الْعَدَدِ، وَالْأَوَّلُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ طُوبَى لِمُنَاسِبَةِ حَرْفِهِ بِعَدَدِهِ وَهُوَ تِسْعَةُ أَقْدَامٍ، وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ فَيُزَادُ الْقَامَةُ عَلَيْهَا لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ: (طُوبَهْ، أَمْشِيرْ، بَرَمْهَاتْ، بَرْمُودَةَ، بَشَنْسْ، بَئُونَةَ، أَبِيبَ، مَسْرَى، تُوتْ، بَابَةَ، هَاتُورَ، كَيْهَكْ ٩ ٧ ٥ ٣ ٢ ١ ١ ٢ ٤ ٦ ٨ ١٠) .
قَوْلُهُ: (فَلَوْ شَرَعَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ (قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ) أَوْ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ) صَوَابُهُ الِاسْتِوَاءُ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَا ظِلَّ لَهُ، بَلْ الظَّالُّ إنَّمَا هُوَ لِلشَّيْءِ عِنْدَهُ، فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ سَاغَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَاخِصٌ) كَعُودٍ مُسْتَقِيمِ الْقَامَةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَطِّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ) أَيْ غَيْرُ ظِلٍّ