للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ: «صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» . تَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ: (وَأَوَّلُ وَقْتِهَا) أَيْ الظُّهْرِ (زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ وَقْتُ زَوَالِهَا يَعْنِي يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالزَّوَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ لَا فِي الْوَاقِعِ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ الصَّلَاةِ فَدَخَلَ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فِي الْإِسْفَارِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فِيهِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ إلَى الْإِسْفَارِ أَيْ: الْإِضَاءَةِ غَزِّيٌّ أَيْ فَأَسْفَرَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَهُوَ فَرَغَ، وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى جِبْرِيلَ، وَمَعْنَى أَسْفَرَ دَخَلَ فِي السَّفَرِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْفَاءِ وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدُهُ عَلَى الصُّبْحِ أَيْ: فَأَسْفَرَ الصُّبْحُ فِي وَقْتِ صَلَاتِهِ، وَيُوَافِقُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ: «صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتْ الْأَرْضُ» .

قَوْلُهُ: (وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ عَلَى الْإِجْمَالِ وَإِنْ اُخْتُصَّ كُلٌّ مِنْهُمْ بِوَقْتٍ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ اج وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ أَيْ: مَجْمُوعُهُمْ أَيْ هَذِهِ أَوْقَاتُ الْأَنْبِيَاءِ فَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ.

فَيَعُمُّ. قَالَ السُّيُوطِيّ: صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ أُمَّةٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ أَوْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ يُونُسُ صَلَّاهَا دُونَ أُمَّتِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالْوَقْتُ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْمَرَّتَيْنِ. وَقَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) أَيْ مَا بَيْنَ مُلَاصِقِ أَوَّلِ الْأَوَّلِ مِمَّا قَبْلَهُ وَمُلَاصِقِ آخِرِ الثَّانِي مِمَّا بَعْدَهُ، وَهَذَا مِنْ التَّقْدِيرِ الَّذِي تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ خُصُوصًا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخْرِجُ نَفْسَ الْوَقْتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا شُرِعَ) يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْ الظُّهْرِ ثَانِي يَوْمٍ وَهُوَ وَقْتُ الشُّرُوعِ فِي الْعَصْرِ أَوَّلَ يَوْمٍ فَلَا يُطَابِقُ الْمُدَّعِيَ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاكِهِمَا فِي وَقْتٍ. قَالَ ق ل: فَلَوْ قَالَ كَمَا شُرِعَ فِي الْعَصْرِ عَقِبَ ذَلِكَ كَانَ مُسْتَقِيمًا اهـ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ اشْتَدَّ بَيْنَهُمَا الِاتِّصَالُ حَتَّى صَارَ آخِرُ أَوَّلِهِمَا كَأَنَّهُ وَقْتُ أَوَّلِ ثَانِيهِمَا؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ هَذَا الْإِمَامِ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِتَوْجِيهِهَا مَا أَمْكَنَ م د.

قَوْلُهُ: (نَافِيًا إلَخْ) قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ: مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ وَقْتُ الظُّهْرِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ قَدْرِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ أَيْضًا وَهُوَ قَدْرٌ يَسَعُ الظُّهْرَ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ أَيْ غَيْرُ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ لَا بِهِ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.

قَوْلُهُ: (تَبِعَهُمْ) جَوَابٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ وَلَمَّا صَدَّرَ الْأَكْثَرُونَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَقْتُ زَوَالِهَا) هَذَا بَيَانٌ لِصِحَّةِ الْإِخْبَارِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ لَيْسَ وَقْتًا.

قَوْلُهُ: (يَعْنِي يَدْخُلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لَيْسَ مِنْ الْوَقْتِ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَقْتُ ظُهْرٍ بَيْنَ وَقْتَيْ زَوَالٍ وَزِيَادَةِ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الزَّوَالُ.

قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ الْوَسَطُ.

قَوْلُهُ: (إلَى جِهَةِ الْغَرْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَيْلٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ: «أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» . وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: «أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ» . لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (بَلْ فِي الظَّاهِرِ) وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ جِبْرِيلُ: إنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ بِقَدْرِ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُحَرَّكِ قَدْرِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ق ل

<<  <  ج: ص:  >  >>