للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ كَخَبَرِ: «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ فَصَارَ هَذَا مَذْهَبَهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا وَهَمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا الْعَصْرُ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الصُّبْحِ غَدَاةً كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَتُسَمَّى صُبْحًا وَفَجْرًا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَهُ بِالثَّانِيَةِ، وَالسُّنَّةَ بِهِمَا مَعًا.

وَيُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً، وَتَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً. هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمِنْهَاجِ وَزَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ يُكْرَهُ اهـ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.

وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا فِي خَيْرٍ، كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ فِقْهٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَزَوْجَةٍ عِنْدَ زِفَافِهَا، وَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَحِسَابٍ وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ) أَيْ فَيُفِيدُ أَنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ مُغَايِرَةٌ لِلْوُسْطَى، لَكِنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُسْطَى هِيَ الصُّبْحُ، وَالشَّارِحُ ذَكَرَهُ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهَا الصُّبْحَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُفِيدُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ الْعَصْرَ، وَأَمَّا كَوْنُهَا الصُّبْحَ فَلَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا غَيْرُهَا اهـ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: إذْ الْعَطْفُ إلَخْ وَقَدْ يُرَدُّ بِجَعْلِهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ فَلَا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَالُ فِيهِ قَوْلَانِ) عِبَارَةٌ م ر. وَلَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ هُنَا فِيهِ أَيْ فِي مَذْهَبِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ قَدْ حُكِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً) وَإِنْ قُيِّدَتْ بِالْأُولَى إلَّا مَعَ التَّغْلِيبِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ق ل. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا عِشَاءَانِ اهـ وَهَذَا هُوَ التَّغْلِيبُ وَمَا وَرَدَ مِنْ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ أَوْ خِطَابٌ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا بِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَتَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَشَاعَةِ وَالِاسْتِهْجَانِ مِنْ حَيْثُ إضَافَةُ الصَّلَاةِ لِلْعَتَمَةِ الَّتِي هِيَ ذَهَابُهُمْ لِحِلَابِ الْإِبِلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَرُبَّمَا تُوُهِّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ لِهَذَا الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ فَالتَّسْمِيَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) أَيْ الْكَرَاهَةُ هُوَ الظَّاهِرُ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ النَّوْمُ إلَخْ) مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِيَقِظَتِهِ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا حَرُمَ وَغَيْرُ الْعِشَاءِ مِثْلُهَا، وَلَا يَحْرُمُ النَّوْمُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِيقَاظِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، بَلْ وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا إذَا نَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ قَاصِدًا تَرْكَهَا فَلَا يَحْرُمُ أَيْ: وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ لَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْجُمُعَةِ إلَّا بِالسَّعْيِ قَبْلَهَا نُزِّلَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّعْيُ مَنْزِلَةَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ لَأَدَّى إلَى عَدَمِ طَلَبِهَا مِنْهُ، وَالنَّوْمُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَتِهِ أَيْ النَّوْمِ خِطَابُهُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ لَا يُخَاطَبُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ حُرْمَةَ النَّوْمِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ هُوَ قِيَاسُ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ النَّوْمُ الْمُفَوِّتُ، لِذَلِكَ السَّعْيِ الْوَاجِبِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) وَمِثْلُهَا بَقِيَّةُ الصَّلَوَاتِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَ فِعْلِهَا) إلَّا إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا يُكْرَهُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ وَمُضِيِّ وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنْهَا غَالِبًا شَوْبَرِيٌّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ، وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ح ف قَالَ سم: وَفَارَقَ الْكَرَاهَةَ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا حَيْثُ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كُرِهَ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مَفْقُودٌ وَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَنُوطَةٌ بِفِعْلِهَا وَقَدْ وُجِدَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ اهـ. إنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ الْحَدِيثُ قَبْلَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ بَاعِثٌ عَلَى تَرْكِهِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ فِيهِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَأُلْحِقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ، وَلَعَلَّهُ لِغَيْرِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَمِثْلُ الْخِيَاطَةِ الْكِتَابَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ لِلْقُرْآنِ أَوْ لِعِلْمٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ح ل. وَالْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ فَهُوَ هُنَا أَشَدُّ كَرَاهَةً وَكَذَا الْمُحَرَّمُ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي خَيْرٍ) أَيْ وَإِلَّا الْمُسَافِرُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَمْ لَا. وَسَوَاءً كَانَ فِي خَيْرٍ أَمْ لِحَاجَةِ السَّفَرِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِينَاسُ ضَيْفٍ) أَيْ غَيْرِ فَاسِقٍ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ إينَاسُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>