يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَجَنَّتُهُ خَضِرَةٌ وَنَارُهُ دُخَانٌ، وَمَعَهُ جَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ وَهُوَ جَبَلُ الْبَصْرَةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَنَامٌ، وَمَعَهُ مُهْلٌ مِنْ مَاءٍ فَمَنْ آمَنَ بِهِ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ وَإِلَّا قَتَلَهُ وَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ اهـ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي صِحَّةِ وُجُودِ الدَّجَّالِ، وَأَنَّهُ رَجُلٌ مُعَيَّنٌ ابْتَلَى اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَيُقْدِرُهُ عَلَى أَشْيَاءَ كَإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ الَّذِي يَقْتُلُهُ، وَظُهُورُ الْخِصْبِ وَالْأَنْهَارِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِتْبَاعِ كُنُوزِ الْأَرْضِ، وَأَمْرِهِ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، ثُمَّ يُبْطِلُ أَمْرَهُ وَيَقْتُلُهُ عِيسَى، وَقَدْ خَالَفَ فِي خُرُوجِهِ بَعْضُ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ، فَأَنْكَرُوا وُجُودَهُ وَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَمَا زَعَمُوهُ يَرُدُّهُ الْأَخْبَارُ الْمُفِيدَةُ لِلْقَطْعِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: شَأْنُ الدَّجَّالِ فِي ذَاتِهِ عَظِيمٌ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِيهِ أَعْظَمُ، وَقَدْ انْتَهَى الْخِذْلَانُ بِمَنْ لَا تَوْفِيقَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ قَالَ: إنَّهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْخَصَائِصِ مَعَ زِيَادَةٍ.
وَيُرْوَى: " أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَخْرُجُ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَحْرِ فَتَدْعُو الْخَلَائِقَ إلَى نَفْسِهَا فَلَا يَأْتِيهَا أَحَدٌ إلَّا كَفَرَ، فَيَمْكُثُ النَّاسُ أَعْوَامًا بَعْدَ ذَلِكَ فَيُمْسِكُ اللَّهُ عَنْهُمْ الْغَيْثَ، وَيَتَوَالَى الْقَحْطُ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ السَّمَاءِ دُخَانٌ عَظِيمٌ يَغْشَى أَهْلَ الْأَرْضِ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ فِي الْجَهْدِ الْعَظِيمِ إذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ الدَّجَّالُ لَعَنْهُ اللَّهُ جَعْدٌ قَطِطٌ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَأُ ذَلِكَ كُلُّ مُؤْمِنٍ ". وَيُرْوَى: " أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْخَالِي كَانَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ قَوْمٍ قَامَتْ بِهِمْ إلَى جَزِيرَةٍ فَوَجَدَ فِيهَا الدَّجَّالَ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي دَيْرٍ عَظِيمٍ، قَدْ أُدْخِلَ فِي مَوْضِعٍ تَحْتَ الْأَرْضِ وَهُوَ مُغَلْغَلٌ مُسَلْسَلٌ مُقَيَّدٌ، وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ رَجُلٌ عَظِيمُ الْخَلْقِ بِيَدِهِ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَرَّكَ ضَرَبَهُ فَسَكَنَ، وَجُعِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُعْبَانٌ عَظِيمٌ يَهُمُّ بِأَكْلِهِ كُلَّمَا تَنَفَّسَ، فَلَمَّا دَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَرَآهُ فَزِعَ مِنْهُ فَصَاحَهُ الدَّجَّالُ وَسَأَلَهُ مِنْ أَيْنَ هُوَ؟ فَأَخْبَرَهُ. فَسَأَلَهُ عَنْ الزَّمَنِ وَمَا حَالُهُ وَمَا حَالُ أَهْلِهِ؟ فَوَصَفَ لَهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ تَنَفَّسَ وَهَمَّ بِالْخُرُوجِ، وَكَانَ قَدْ تَعَاظَمَ طُولُ مَا وَصَفَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَجَاءَهُ الْمُوَكَّلُ بِهِ فَضَرَبَهُ بِذَلِكَ الْعَمُودِ وَقَالَ لَهُ: اهْدَأْ فَلَيْسَ هَذَا أَوَانُك إذَا أَرَادَ اللَّهُ إنْجَازَ وَعْدِهِ وَإِنْفَاذَ حُكْمِهِ، وَتَمَّ انْقِضَاءُ الدُّنْيَا أَذِنَ لَهُ بِالْخُرُوجِ فَيَخْرُجُ عِنْدَ شِدَّةِ الْجُوعِ وَمَعَهُ قَصْعَةٌ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ فِيهَا طَعَامًا لِشِدَّةِ مَا بِهِمْ مِنْ الْجَهْدِ وَالْبَلَاءِ، وَيَتَّبِعُهُ يَوْمَئِذٍ الْيَهُودُ، وَيَقُودُ وَرَاءَهُ نَهْرَيْنِ مِنْ مَاءٍ وَيَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، وَيَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يُحْيِيهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى
فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يَقْتُلُ الْخَضِرَ بِالسَّيْفِ نِصْفَيْنِ وَيَمْشِي بِالْحِمَارِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يُحْيِيهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ تَزْدَدْ بِي إيمَانًا: فَيَقُولُ لَهُ: مَا ازْدَدْت إلَّا تَكْذِيبًا لَك وَتَصْدِيقًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ، وَيَفْعَلُ مَعَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَيْ يُحْيِيهِ وَيَقْتُلُهُ وَيُحْيِيهِ وَيَقْتُلُهُ زِيَادَةً عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى، كُلُّ ذَلِكَ فِتْنَةٌ وَبَلَاءٌ مُبِينٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُفْتَتَنُ بِهِ النَّاسُ وَيَرْتَدُّونَ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَى دَيْنِهِ دَيْنِ الْيَهُودِيَّةِ. وَيُرْوَى: أَنَّ الدَّجَّالَ لَعَنْهُ اللَّهُ يَخْتَرِقُ الْأَرْضَ كُلَّهَا سَهْلَهَا وَوَعْرَهَا وَقَفْرَهَا وَعُمْرَانَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا حَرَمَ مَكَّةَ وَحَرَمَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُمَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ هَلَاكَهُ وَهَلَاكَ مَنْ مَعَهُ دَفَعَ إلَى نَاحِيَةِ دِمَشْقَ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ يَمْرُجُونَ خَوْفًا مِنْ قُدُومِهِ، إذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُقِيمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهَا الْأَعْظَمِ فَيُصَلِّيهَا فَإِذَا هَمَّ الدَّجَّالُ بِدُخُولِهَا عَرَفَ النَّاسُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ فَيَخْرُجُ بِهِمْ إلَى الدَّجَّالِ، فَإِذَا رَأَى الدَّجَّالُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ وَيَتَصَاغَرُ لِعَظَمَتِهِ، فَيَرْمِيهِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْحَرْبَةِ فَيَقْتُلُهُ وَيَنْهَزِمُ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْيَهُودِ وَيُقْتَلُونَ قَتْلًا عَظِيمًا. وَيُرْوَى: " أَنَّ الْمُسْلِمَ يَطْلُبُ الْيَهُودِيَّ فَيَسْتَتِرُ بِحَجَرٍ أَوْ شَجَرَةٍ فَيُنَادِيهِ الْحَجَرُ وَالشَّجَرَةُ يَا وَلِيَّ اللَّهِ هَلُمَّ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ مُسْتَتِرٌ بِي فَاقْتُلْهُ، فَإِذَا هَلَكَ الدَّجَّالُ يَحْكُمُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَرْضِ وَيَتَزَوَّجُ وَيَكُونُ لَهُ الْوَلَدُ، وَيَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَغْرِسُ النَّاسُ الْأَشْجَارَ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا، وَتَطِيبُ الدُّنْيَا لِأَهْلِهَا، وَتَكْثُرُ الْأَرْزَاقُ، وَيَصْحَبُهُمْ الْأَمْنُ، وَيُقِيمُونَ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَهُوَ مُقَامُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَرْضِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute