للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ» فَوَرَدَ النَّصُّ فِي الْمَجْنُونِ وَقِيسَ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ.

وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِيجَابُ يَسْتَوِي فِيهِ قَدْرُ الرَّكْعَةِ وَدُونِهَا، وَيَجِبُ الظُّهْرُ مَعَ الْعَصْرِ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ زَمَنِ تَكْبِيرَةِ آخَرِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَتَجِبُ الْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ بِإِدْرَاكِ ذَلِكَ آخَرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِاتِّحَادِ وَقْتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَوَقْتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْعُذْرِ، فَفِي الضَّرُورَةِ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ أَنْ يَخْلُوَ الشَّخْصُ عَنْ الْمَوَانِعِ قَدْرَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ أَخَفَّ مَا يُجْزِئُ كَرَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ بَلَغَ الشَّخْصُ فِي الصَّلَاةِ بِالسِّنِّ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْوُجُوبَ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ، فَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا كَمَا لَوْ بَلَغَ بِالنَّهَارِ وَهُوَ صَائِمٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَأَجْزَأَتْهُ وَلَوْ جُمُعَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى الْوَاجِبَ بِشَرْطِهِ، وَوُقُوعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْأَسْبَابُ) أَيْ الصِّبَا وَالْكُفْرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَفِي إطْلَاقِ الْأَسْبَابِ عَلَى الْمَوَانِعِ تَجُوزُ، وَلَعَلَّ عَلَاقَةَ الْمَجَازِ الضِّدْيَةُ فَإِنَّ الْمَانِعَ مُضَادُّ لِلسَّبَبِ ع ش، وَكَوْنُ الصِّبَا مَانِعًا مِنْ الْفِعْلِ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ زَالَتْ الْأُمُورُ أَوْ الْأَشْيَاءُ الْمَانِعَةُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ وَبَقِيَ قَدْرُ تَحَرُّمٍ وَخَلَا مِنْهَا قَدْرُ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ لَزِمَتْ مَعَ فَرْضٍ قَبْلَهَا إنْ صَلَحَ لِجَمْعِهِ مَعَهَا وَخَلَا قَدْرُهُ أَيْضًا اهـ قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا إنْ خَلَا مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرُ الْمُؤَدَّاةِ فَإِنْ خَلَا قَدْرُهَا وَقَدْرُ الطُّهْرِ فَقَطْ تَعَيَّنَتْ أَوْ مَعَ ذَلِكَ قَدْرُ مَا يَسَعُ الَّتِي قَبْلَهَا تَعَيَّنَتَا.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ) وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ.

وَالْحَاصِلُ: إنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرَ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَاسْتَمَرَّ النَّقَاءُ زَمَنَ الْمَغْرِبِ بِقَدْرٍ يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَطُهْرَهَا وَجَبَتْ وَتَجِبُ الْعَصْرُ إذَا خَلَا بِقَدْرِهِ أَيْضًا، وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَمَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَجَبَتْ فَقَطْ لِتَقَدُّمِهَا لِكَوْنِهَا صَاحِبَةَ الْوَقْتِ وَمَا فَضَلَ لِلْعَصْرِ لَا يَكْفِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، سَوَاءٌ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَمْ لَا خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا وَجَبَتْ الْعَصْرُ فَقَطْ، وَلَوْ وَسِعَ الْمَغْرِبُ قَدْرَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِلْمُقِيمِ بَعْدَ قَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَالظُّهْرَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ، فَيَتَعَيَّنُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ؛ لِأَنَّهَا الْمَتْبُوعَةُ لَا الظُّهْرُ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، ثُمَّ خَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرًا يَسَعُ تِسْعَ رَكَعَاتٍ لِلْمُقِيمِ أَوْ سَبْعًا لِلْمُسَافِرِ فَتَجِبُ الصَّلَوَاتُ الثَّلَاثُ وَهِيَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ أَوْ سِتًّا لَزِمَ الْمُقِيمَ الصُّبْحُ وَالْعِشَاءُ فَقَطْ، أَوْ خَمْسًا فَأَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الصُّبْحِ، وَلَوْ أَدْرَكَ ثَلَاثًا مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ لَمْ تَجِبْ هِيَ وَلَا الْمَغْرِبُ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (فَفِي الضَّرُورَةِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهَا فَوْقَ الْعُذْرِ.

قَوْلُهُ: (قَدْرَ الطَّهَارَةِ) أَيْ طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَقِّ السَّلِيمِ وَبِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ. تَنْبِيهٌ: قَدْ اعْتَبَرُوا وَقْتَ الطَّهَارَةِ وَسَكَتُوا عَنْ وَقْتِ السَّتْرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الصَّلَاةِ إلَى الطَّهَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالسَّتْرُ وَالِاجْتِهَادُ ابْنُ شَرَفٍ. وَقَالَ ق ل قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ أَيْ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ وَمَا يَجْمَعُ قَبْلَهَا وَالْمُؤَدَّاةُ وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا، وَخَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ مَا يَسَعُهَا أَيْ الْمَغْرِبَ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَمَا فَضَلَ لَا يَكْفِي لِلْعَصْرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَصْرِ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. م ر. فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَصْرَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (كَرَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِهِ أَخَفُّ مَا يُجْزِئُ لَا تَقْيِيدٌ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَهَا تَامَّةً بِأَخَفَّ مَا يُجْزِئُ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ سُنَنُهَا شَيْخُنَا

قَوْلُهُ: (بِالسِّنِّ) هُوَ قَيْدٌ لِلْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ مِنْ قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَمَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ق ل. وَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ عِنْدَ م ر حِينَئِذٍ. وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى الْفَرِيضَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>