للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ أَنَّهُ يَصِيرُ الطِّفْلُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أَبِي دَاوُد: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ مَتَى يُصَلِّي الصَّبِيُّ؟ قَالَ: إذَا عَرَفَ شِمَالَهُ مِنْ يَمِينِهِ» قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالْمُرَادُ إذَا عَرَفَ مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي. وَفِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى مَنْ ذُكِرَ، وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ صِيغَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالشَّرَائِعَ.

وَلَا قَضَاء عَلَى الْحَائِضِ أَوْ النُّفَسَاءِ إذَا طَهُرَتَا وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَوْ يُكْرَهُ؟ وَجْهَانِ. أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي

وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جُزْءٌ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي أَثْنَائِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَعْلِيمِهِ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِنْجَاءِ وَإِلَّا فَقَبْلَ تَعْلِيمِهِ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِهِ، فَكَيْفَ يَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبَانِ) أَيْ وُجُوبًا عَيْنِيًّا عَلَى الْوَلِيِّ أَيْ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ كَمَا فِي الرَّوْضِ وحج وَقَدْرُهُ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَفَى، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ وَالْآمِرُ وَالضَّارِبُ أُصُولُهُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَلِلْمُعَلِّمِ أَيْضًا الْأَمْرُ لَا الضَّرْبُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ فِي زَوْجَتِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَشَرَائِعُ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ كَالصَّوْمِ لِمَنْ أَطَاقَهُ وَنَحْوِ السِّوَاكِ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَمْرِ وَالضَّرْبِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ التَّمْرِينُ عَلَى الْعِبَادَةِ فَلَا يَتْرُكُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُجَاوِزُ الضَّارِبُ ثَلَاثًا، وَكَذَا الْمُعَلِّمُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الثَّلَاثَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمِرْدَاسٍ الْمُعَلِّمِ: «إيَّاكَ وَأَنْ تَضْرِبَ فَوْقَ الثَّلَاثِ فَإِنَّك إنْ تَضْرِبَ فَوْقَهَا أَقْتَصُّ مِنْك» . تَنْبِيهٌ: فَقِيهُ الْأَوْلَادِ إذَا ضَرَبَهُمْ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَضَرَبَهَا الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ الْأُولَى يَحْصُلُ التَّأْدِيبُ فِيهَا بِالْكَلَامِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَيْضًا الْأُولَى مَشْرُوطٌ فِيهَا سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُمَا) كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَكَالْأَمِينِ الَّذِي رَأَى مَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى مَنْزِلِ أَهْلِهِ أَوْ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُهُ كَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَأْمُرُهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الطَّهَارَةِ وَالشَّرَائِعِ سَابِقٌ عَلَى الْأَمْرِ.

قَوْلُهُ: (يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ) أَيْ وَإِنْ عَلَوْا وَظَاهِرُهُ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ لِلْأُمَّهَاتِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ لِلْأُمَّهَاتِ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ أَيْ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَتَكْفِي الْجَدَّةُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَيُقَدَّمُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ حَيْثُ النَّدْبُ عَلَى غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ وَلَا يَضْرِبُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَمُؤْنَةُ تَعْلِيمِهِمْ لَفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فِي مَالِهِمْ ثُمَّ آبَائِهِمْ ثُمَّ أُمَّهَاتِهِمْ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالصَّغِيرَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ وَالْأَبَوَيْنِ تَعْلِيمُهَا عَلَى أَبَوَيْهَا فَإِنْ عُدِمَا، فَالزَّوْجُ أَحَقُّ أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ وَزَوْجَةُ الصَّغِيرِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا فَرْضُ تَعْلِيمِهِ كَمَا قَالَهُ سم. وَقَوْلُهُ: وَالْأُمَّهَاتِ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةُ تَأْدِيبٍ لَا وِلَايَةُ مَالٍ ح ل قَوْلُهُ: (تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ سَبْعٍ وَضَرْبِهِمْ عَلَيْهَا بَعْدَ عَشْرٍ وَيُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ إنْ أَطَاقَهُ كَمَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ اج قَوْلُهُ: (وَالشَّرَائِعَ) أَيْ الْأَحْكَامَ الْمَشْرُوعَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا كَالسِّوَاكِ وَالْبُدَاءَةِ بِالْيُمْنَى فِيمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَهُوَ عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ. قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: يَجِبُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ كِفَايَةُ تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ بِمَكَّةَ وَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ لَهُ مِنْ أَوْصَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ مَا يُمَيِّزُهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ فَيَجِبُ بَيَانُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا الَّذِي هُوَ مِنْ قُرَيْشٍ وَاسْمُ أَبِيهِ كَذَا وَأُمِّهِ كَذَا وَبُعِثَ بِكَذَا وَدُفِنَ بِكَذَا نَبِيُّ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَيَتَعَيَّنُ أَيْضًا ذِكْرُ لَوْنِهِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَنْ زَعَمَ كَوْنَهُ أَسْوَدَ كَفَرَ، وَالْمُرَادُ بِتَعْلِيمِ اللَّوْنِ أَنْ لَا يَزْعُمَ أَنَّهُ أَسْوَدُ فَيُكْرَه لَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ خُصُوصُ كَوْنِهِ أَبْيَضَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا إنْكَارُهُ كُفْرٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ كَلَامُهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ أَيْ وَتَنْعَقِدُ نَفْلًا عِنْدَ م ر خِلَافًا لِلشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا بَلْ يُسْتَحَبُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>