أَيَّامَ الْجُنُونِ مَعَ مَا قَبْلَهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ.
وَلَوْ سَكِرَ مُتَعَدِّيًا ثُمَّ جُنَّ قَضَى الْمُدَّةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا سُكْرُهُ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدَهَا، بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا، وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا، وَلَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ سَكِرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ لَمْ تَقْضِ زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَفَارَقَتْ الْمَجْنُونَ بِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِالتَّرْكِ، وَعَنْهُ رُخْصَةٌ، وَالْمُرْتَدُّ وَالسَّكْرَانُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ قَضَاءِ الْحَائِضِ الْمُرْتَدَّةِ زَمَنَ الْجُنُونِ نُسِبَ فِيهِ إلَى السَّهْوِ.
وَلَا قَضَاءَ عَلَى الطِّفْلِ إذَا بَلَغَ وَيَأْمُرُهُ الْوَلِيُّ بِهَا إذَا مَيَّزَ وَلَوْ قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ، وَالتَّمْيِيزُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ سَبْعِ سِنِينَ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ عَشَرِ سِنِينَ لِخَبَرِ: «مُرُوا الصَّبِيَّ أَيْ وَالصَّبِيَّةَ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا» أَيْ عَلَى تَرْكِهَا كَمَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. تَنْبِيهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلضَّرْبِ تَمَامُ الْعَاشِرَةِ، لَكِنْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إنَّهُ يُضْرَبُ فِي أَثْنَائِهَا، وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْبُلُوغِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ التَّمْيِيزَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الْأَمْرِ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ السَّبْعِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ لَا يَقْضِي بَعْدَ شِفَاءِ الْكَسْرِ.
قَوْله: (ثُمَّ جُنَّ) أَيْ بِلَا تَعَدٍّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَقْتَضِي سِتًّا وَثَلَاثِينَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي نَفْسِهَا وَضَرْبِ التِّسْعَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْوُقُوعِ فِي الرِّدَّةِ، وَالْوُقُوعِ فِي غَيْرِهَا، وَضَرْبِ الثَّمَانِيَةِ عَشَرَ الْحَاصِلَةِ فِي اثْنَيْنِ التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ، فَالْجُمْلَةُ مَا ذُكِرَ فَالْوَاقِعُ فِي الرِّدَّةِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا، وَالْوَاقِعُ فِي غَيْرِهَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مَعَ التَّعَدِّي، وَلَا يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِ وَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِهِ الْوَاقِعُ فِي الْمُتَعَدِّي بِهِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مُدَّةَ الْمُتَعَدِّي بِهِ فَقَطْ اهـ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: (مِنْ ضَرْبِ الْجُنُونِ) إلَخْ أَيْ بِأَنْ طَرَأَ الْجُنُونُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ عَلَى سُكْرٍ أَوْ إغْمَاءٍ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَوْ طَرَأَ سُكْرٌ عَلَى سُكْرٍ أَوْ عَلَى إغْمَاءٍ أَوْ عَلَى جُنُونٍ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَوْ طَرَأَ إغْمَاءٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ عَلَى سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَكِرَتْ) أَيْ تَعَدِّيًا؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تَقْضِ زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) وَإِنْ طَرَأَ فِيهِمَا جُنُونٌ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَمَا وَقَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْسُنُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِهَذَا التَّعْمِيمِ قَالَ م د قَوْلُهُ: لَمْ تَقْضِ زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَقْضِي زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَوْ وَقَعَ فِي الرِّدَّةِ. وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا مُرْتَدٌّ لَا يَقْضِي الصَّلَاةَ زَمَنَ الرِّدَّةِ مَعَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ. قَوْلُهُ: (عَزِيمَةٌ) وَالْعَزِيمَةُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعَاصِي وَالطَّائِعِ.
قَوْلُهُ: (رُخْصَةٌ) أَيْ وَالرُّخْصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي؛ لِأَنَّ الْعَاصِيَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. قَوْلُهُ: (نُسِبَ فِيهِ إلَى السَّهْوِ) أَيْ؛ لِأَنَّ انْسِحَابَ حُكْمِ الرِّدَّةِ عَلَى زَمَنِ الْجُنُونِ عَارَضَهُ كَوْنُ الْحَائِضِ مُكَلَّفَةً بِالتَّرْكِ فَالتَّغْلِيظُ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ فَالْحَيْضُ مَانِعٌ وَالرِّدَّةُ مُقْتَضٍ فَيَغْلِبُ الْمَانِعُ. وَأَجَابَ م ر: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَائِضِ فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ لَا مَنْ نَزَلَ عَلَيْهَا الْحَيْضُ. وَرُدَّ بِأَنَّ حَائِضًا اسْمُ فَاعِلٍ حَقِيقَةً فِي الْمُتَلَبِّسِ بِالْفِعْلِ اج.
قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الطِّفْلِ إلَخْ) نَعَمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَنَ التَّمْيِيزِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَنْعَقِدُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ، فَلَوْ فَعَلَهُ كَانَ حَرَامًا وَلَا يَنْعَقِدُ خِلَافًا لِجَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا قَضَاءَ أَيْ: وُجُوبًا وَحُكْمُ قَضَائِهِ كَأَدَائِهِ مِنْ تَعَيُّنِ الْقِيَامِ فِيهِ وَعَدَمِ جَمْعِهِ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ م ر.
قَوْلُهُ: (وَيَأْمُرُهُ) أَيْ لِيَعْتَادَهَا إذَا بَلَغَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ اسْتِكْمَالِ سَبْعِ سِنِينَ) أَيْ يُعْتَبَرُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (أَيْ وَالصَّبِيَّةَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ كَمَا قَالَهُ اج وَجَعَلَهُ مِنْ غَرَائِبِ اللُّغَةِ.
قَوْلُهُ: «وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا» ) أَخَّرَ الضَّرْبَ لِلْعَشْرِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَالْعَشْرُ زَمَنُ احْتِمَالِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ كَوْنِهِ حِينَئِذٍ يَقْوَى وَيَحْتَمِلُهُ حِينَئِذٍ. اهـ. حَجّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ الصَّيْمَرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا نِسْبَةً إلَى صَيْمَرَةَ بَلَدٌ صَغِيرٌ بِعِرَاقِ الْعَجَمِ. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: وَضَمُّ الْمِيمِ خَطَأٌ ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَائِهَا) الْمُرَادُ بِالْأَثْنَاءِ مَا بَعْدَ التَّاسِعَةِ فَيَصْدُقُ بِأَوَّلِ الْعَاشِرَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَتَى مَضَى