وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ، وَهِيَ أَكْثَرُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مِنْهَا خَبَرُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةٍ» .
فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الرَّوَاتِبِ، وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ الْفَصْلُ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ بِالسَّلَامِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ بِتَشَهُّدٍ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ بِتَشَهُّدَيْنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْوَصْلِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَوَقْتُهُ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِيَ الْوِتْرُ فَجَعَلَهَا لَكُمْ مِنْ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْكَمَالِ وَهُوَ كَوْنُهُ بِرُكُوعَيْنِ قَصِيرَيْنِ وَبَيْنَ أَعْلَى الْكَمَالِ، وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ تَكْمِيلَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ أَوْ جَعْلَهُ خَمْسًا مَثَلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى رَكْعَةَ الْوِتْرِ، فَالْوَاقِعُ بَعْدَهَا لَيْسَ مِنْ الْوِتْرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَتَعْلِيلُ الثَّانِي مَمْنُوعٌ. اهـ. حَجّ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافُهُ وَعَلَّلَهُ بِالْحَدِيثِ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ح ف.
قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ) حَمَلَ م ر مَا فِي الْكِفَايَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى فَلَا تَضْعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) فَيَبْطُلُ الْإِحْرَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَإِذَا أَحْرَمَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَكَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ زِيَادَةً عَلَى الْأَحَدَ عَشَرَ بَطَلَا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا وَقَعَا نَفْلًا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ بِتَشَهُّدٍ) أَيْ لِزِيَادَةِ الْأَفْعَالِ فِيهِ وَعِبَارَةُ م ر. وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِتَشَهُّدَيْنِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشِبِّيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ اهـ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا صَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ مَثَلًا انْتَفَى التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ. قُلْت: الْمُرَادُ التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُصَلِّيهِ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا مَثَلًا اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ. ثُمَّ مَحَلُّ أَفَصْلِيَّةِ الْفَصْلِ عَلَى الْوَصْلِ إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ الْوَصْلُ عَلَى الْفَصْلِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ اهـ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ إلَّا ثَلَاثَةً مَوْصُولَةً كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَفْصُولَةٍ؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ النَّوَافِلِ خِلَافًا وَبِأَنَّ ثَوَابَ الْأَدَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ الْقَضَاءِ اهـ قَالَ سم وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ وَأَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ صَارَ صَلَاةً وَاحِدَةً. اهـ. م ر. وَلَا يُقَالُ: بَلْ الْوَصْلُ أَفْضَلُ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَة؛ لِأَنَّا نَقُولُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ لَا تَقَعَ مُرَاعَاتُهُ فِي خِلَافٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ لَا يُجِيزُ الْوَصْلَ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ. وَقَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ حَيْثُ أَوْجَبَ الْوَصْلَ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ فِي الْوَصْلِ غَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ إذَا أَحْرَمَ بِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا وَأَرَادَ تَأْخِيرَ ثَلَاثَةٍ يُحْرِمُ بِهِنَّ دَفْعَةً وَأَحْرَمَ بِالثَّمَانِيَةِ قَبْلَهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ جَازَ لَهُ التَّشَهُّدُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَقَدْ زَادَ فِي الْوَصْلِ عَلَى تَشَهُّدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ بِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً اهـ ز ي. قَوْلُهُ: «أَمَدَّكُمْ» ) أَيْ زَادَكُمْ عَلَى مَا اسْتَعْمَلَكُمْ بِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ أَتْحَفَكُمْ قَوْلُهُ: ( «مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» ) بِسُكُونِ الْمِيمِ جَمْعِ أَحْمَرَ أَيْ الْإِبِلِ الْحُمْرِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَخَصَّهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ عِنْدَهُمْ وَالْمُرَادُ التَّصَدُّقُ بِهَا وَأَمَّا بِضَمِّ الْمِيمِ فَهُوَ جَمْعُ حِمَارٍ ق ل. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَشْبِيهَ أُمُورِ الْآخِرَةِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيبِ إلَى الْأَفْهَامِ، وَإِلَّا فَذَرَّةٌ مِنْ الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ الْأَرْضِ بِأَسْرِهَا وَأَمْثَالِهَا مَعَهَا لَوْ تُصُوِّرَتْ ح ف.
قَوْلُهُ: (فَجَعَلَهَا لَكُمْ مِنْ الْعِشَاءِ) أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَكَمَا يُعْتَبَرُ دُخُولُ الْعِشَاءِ يُعْتَبَرُ صَلَاتُهَا أَيْضًا فَحَمَلَ الْعِشَاءَ عَلَى الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَأَرَادَ فِعْلَهُ قَضَاءً قَبْلَ فِعْلِهَا كَانَ مُمْتَنِعًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ اهـ ر. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: مِنْ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَمَعَهَا أَعْنِي الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ تَقْدِيمًا جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ سُنَّتَهَا، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ عَنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ اهـ سم. وَقَوْلُهُ أَيْ م د وَلَوْ جَمَعَهَا إلَخْ. فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْوِتْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَأْخِيرِهِ إلَى وَقْتِهِ