للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ لِخَبَرِ عُمَرَ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» . رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ، وَمِنْ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا أَيْ لِلرَّكْعَتَيْنِ إذَا أَذَّنَ الْمَغْرِبُ ". وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِخَبَرِ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ. وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِيمَا مَرَّ فَيُصَلِّي قَبْلهَا أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلِيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» ، وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوْقِيفٌ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ الْوِتْرُ وَأَنَّ أَقَلَّهُ رَكْعَةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ» . وَلَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقَبْلِيَّةُ مَثَلًا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ بَلْ لَوْ أَخَّرَ الْقَبْلِيَّةَ عَنْ الْفَرْضِ جَازَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّمَانِيَةِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ اهـ ق ل. وَيَكْفِي فِي تَصْحِيحِ نِيَّةِ قَبْلِيَّةِ الْجُمُعَةِ غَلَبَةُ ظَنِّ وُقُوعِهَا وَمَعَ الشَّكِّ يَمْتَنِعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ، وَتَرَدَّدَ " سم " فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ كَالْجُمُعَةِ شَرْطُهَا الْوَقْتُ فَلَا تَصِحُّ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَا تُقْضَى أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُقْضَى كَالْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ حَافَظَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَقَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَيْ مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهَا ع ش.

قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) بِرَفْعِ أَرْبَعٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَزِيدَ أَيْ: وَغَيْرُ الْمُؤَكَّدِ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً» إلَخْ) هَذَا دُعَاءٌ لِلْمُصَلِّي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إخْبَارًا وَهُوَ لَا يَتَخَلَّفُ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَغْرِبِ) وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِمَا إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ وَيُؤَخِّرُهُمَا إنْ أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ. اهـ. ق ل. أَيْ: إذَا أَسْرَعَ الْإِمَامُ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ وَمِثْلُ رَاتِبَةِ الْمَغْرِبِ غَيْرُهَا، فَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ وَالْمُكْثِرِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

قَوْلُهُ: (يَبْتَدِرُونَ) أَيْ يُسْرِعُونَ إلَى السَّوَارِي أَيْ الْأَعْمِدَةِ لِيَجْعَلُوهَا سُتْرَةً.

قَوْلُهُ: (إذَا أَذَّنَ الْمَغْرِبُ) أَيْ مُؤَذِّنُ الْمَغْرِبِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ) فَيُصَلِّي قَبْلَهَا أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا أَيْ: إذَا كَانَتْ تُغْنِي عَنْ الظُّهْرِ، وَإِلَّا فَيَنْوِي سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ وَلَا بَعْدِيَّةَ لِلْجُمُعَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر. أَيْ: وَيُصَلِّي حِينَئِذٍ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَهَا أَرْبَعًا وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَقَدْ أَمَرَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الشَّارِحِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْأَمْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ الْوِتْرُ) أَيْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ أَقَلَّهُ رَكْعَةٌ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَثَلَاثٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَجَعَلَ اثْنَيْنِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ وَوَاحِدَةً لِلْوِتْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَثَلَاثٌ بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ فَلَا يَظْهَرُ وَيَكُونُ مَعْنَى يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَيْهَا يُفْرِدُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، فَيَكُونُ الْوِتْرُ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْإِفْرَادُ كَحَدِيثِ؛ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» أَيْ وَإِلَّا فَالثَّلَاثَةُ وِتْرٌ، فَإِنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَوَصَلَ نَوَى الْوِتْرَ وَيَتَخَيَّرُ فِي غَيْرِهَا بَيْنَ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدَّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ هِيَ أَوْلَى أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَفِي الْفَصْلِ أَرْبَعُ نِيَّاتٍ، وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ يَنْوِي لِكُلِّ اثْنَتَيْنِ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ سُنَّتَهُ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ وَيَقُولُ فِي نِيَّةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُهُ حَقِيقَةً وَإِضَافَةُ سُنَّةِ لِلْوِتْرِ بَيَانِيَّةٌ اهـ. وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا الْأَخِيرَةِ وَتَرَكَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْوِتْرِ أُثِيبَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ثَوَابَ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَحَدِ عَشَرَ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا) بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَوْ نَوَى وَأَطْلَقَ تَخَيَّرَ عِنْدَ الشَّارِحِ بَيْنَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ، وَهَكَذَا. وَاعْتَمَدَ م ر الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الْكَمَالِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْكُسُوفِ بِأَنَّ مَا هُنَا اخْتِلَافٌ فِي الذَّاتِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ، وَمَا فِي الْكُسُوفِ اخْتِلَافٌ فِي الصِّفَةِ فَسُومِحَ فِيهِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ بَيْنَ أَقَلِّهِ وَأَدْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>