للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ بِنَقْصٍ نَحْوُ خُشُوعٍ كَتَرْكِ تَدَبُّرِ قِرَاءَةٍ. (وَهِيَ سَبْعَةُ عَشَرَ رَكْعَةٍ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ) قَبْلَ الصُّبْحِ (وَأَرْبَعٌ) أَيْ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ (قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَثَلَاثٌ بَعْدَ سَنَةِ الْعِشَاءِ يُوتَرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الْمُؤَكَّدَ مِنْ غَيْرِهِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُؤَكَّدَ مِنْ الرَّوَاتِبِ عَشَرُ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَذَا بَعْدَهَا وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ» . وَغَيْرُ الْمُؤَكَّدِ أَنْ يَزِيدَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ.

رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَزِيدُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا لِحَدِيثِ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُقَامَ الْفَرْضِ. وَفِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّ كُلَّ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ مِنْ النَّفْلِ تَقُومُ مُقَامَ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرْضِ لِزِيَادَةِ فَضْلِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ شُرِعَ النَّفَلُ لِتَكْمِيلِ الْفَرْضِ اهـ بِحُرُوفِهِ وَجَمِيعُ نَوَافِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ فَرْضًا بِمَعْنَى أَنَّهَا تَقَعُ كَذَلِكَ فَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْفَرْضِ لَا أَنَّهَا فَرْضٌ أَصَالَةً؛ لِأَنَّ النَّفَلَ إنَّمَا هُوَ لِلْجَبْرِ وَلَا نَقَصَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى تُجْبَرَ بِالنَّوَافِلِ، فَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ عَلَى الْأُمَّةِ لَا الْأَنْبِيَاءِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْخَصَائِصِ.

قَوْلُهُ: (سَبْعَةَ عَشَرَ رَكْعَةً) وَفِي نُسْخَةٍ تِسْعَةَ عَشَرَ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى جَعْلِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ مِنْهَا، وَعَلَى كُلٍّ فَكَلَامُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمُؤَكَّدِ وَهُوَ عَشْرَةٌ، وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمُؤَكَّدَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ رَكْعَةً غَيْرُ الْوِتْرِ ق ل. وَقَوْلُهُ: سَبْعَةَ عَشَرَ بِعَدِّ سُنَّةِ الْعِشَاءِ الْبَعْدِيَّةِ وَرَكْعَةِ وِتْرٍ وَعَلَى كَوْنِهَا تِسْعَةَ عَشَرَ بِعَدِّ ثَلَاثَةٍ وِتْرًا بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى سَبْعَ عَشْرَةَ لِإِجْرَاءِ السَّبْعَةِ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَالْعَشَرَةُ عَلَيْهِ. وَقَدْ تُؤَوَّلُ الرَّكْعَةُ بِالْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ. قَوْلُهُ: (رَكْعَتَا الْفَجْرِ) وَلَهُ فِي نِيَّتِهَا عَشَرُ كَيْفِيَّاتٍ: سُنَّةُ الصُّبْحِ سُنَّةُ الْفَجْرِ سُنَّةُ الْبَرَدِ سَنَةُ الْوُسْطَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الْوُسْطَى سُنَّةُ الْغَدَاةِ وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ السُّنَّةَ وَيُضِيفَ فَيَقُولُ: رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْ الْبَرَدِ رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ اهـ خ ض. وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦] إلَى آخِرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ. وَ {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: ١] وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ آيَةُ آلِ عِمْرَانَ {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ} [آل عمران: ٨٤] إلَى آخِرِهَا و {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: ١] وَ {الْإِخْلَاصِ} وَلَا يُنَافِي هَذَا طَلَبُ التَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ وَالتَّطْوِيلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَسَنَّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ بِضَجْعَةٍ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ عَلَى الْأَيْمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَبِحَدِيثٍ غَيْرِ دُنْيَوِيٍّ، أَمَّا بِالدُّنْيَوِيِّ فَيُكْرَهُ أَوْ يَتَحَوَّلُ. قَالَ م ر: وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى إفْرَادِهَا بِالْإِحْرَامِ لَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ الْوِتْرِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا فَالثَّلَاثُ وِتْرٌ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى وُجُوبِ تَأَخُّرِ الْوَاحِدَةِ إذَا فَصَلَ أَوْ إلَى فَصْلِهَا عَنْ الثِّنْتَيْنِ احْتِرَازًا عَنْ وَصْلِ الثَّلَاثِ لِبُطْلَانِهِ عِنْدَ الْقَفَّالِ وَمَفْضُولِيَّتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ سم. وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ يُوتِرُ إلَخْ. يَقْتَضِي أَنَّ الثِّنْتَيْنِ قَبْلَ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتَا مِنْ الْوِتْرِ وَلَا سُنَّةَ الْعِشَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَثَلَاثٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَعَلَيْهَا لَا إشْكَالَ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأَكُّدِ الْمُدَّعَى وَلَوْ قَالَ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَانَ أَوْلَى. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فَعَلْت مِثْلَ فِعْلِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ هَذِهِ الرَّوَاتِبَ جَمَاعَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اقْتِدَاءٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ م د.

قَوْلُهُ: (رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) وَانْظُرْ هَلْ الْقَبْلِيَّةُ أَفْضَلُ أَمْ الْبَعْدِيَّةُ؟ أَفْتَى م ر بِأَنَّ الْبَعْدِيَّةَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْقَبْلِيَّةَ كَالْمُقَدِّمَةِ وَتِلْكَ تَابِعَةٌ لِلْفُرَصِ حَقِيقَةً وَالتَّابِعُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَتْبُوعِهِ أَيْضًا، فَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِهَا أَكْثَرُ وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهَا قَبْلَ فِعْلِ الْفَرْضِ، فَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ لَهَا وَقْتًا شَرْعِيًّا يَخُصُّهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَةُ التَّأْكِيدِ فَتَنْصَرِفُ إلَيْهِ النِّيَّةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْإِحْرَامِ بِرَكْعَتَيْنِ، وَتَجُوزُ الْأَرْبَعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>