للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ أَكْثَرَهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَفْضَلُهَا ثَمَانٍ وَأَكْثَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ، وَيُسَنُّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ وَالِاخْتِيَارُ فِعْلُهَا عِنْدَ مُضِيِّ رُبْعِ النَّهَارِ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ) وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَعَلَى أَنَّهَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ: إيمَانًا أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ مُعْتَقِدًا أَفْضَلِيَّتَهُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقْتَهَا يَخْرُجُ بِالزَّوَالِ. قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ إضَافَةَ الصَّلَاةِ إلَى الضُّحَى بِمَعْنًى فِي كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ النَّهَارِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ عَلَى الشَّمَائِلِ. قَالَ م ر: سُمِّيَتْ بِاسْمِ وَقْتِ فِعْلِهَا وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقِيلَ غَيْرُهَا. وَعَلَى هَذَا تَحْصُلُ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا غَيْرُهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ فَقَطْ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِالْعَدَدِ الَّذِي لِصَلَاةِ الضُّحَى، وَأَيْضًا تَفُوتُ بِمُضِيِّ وَقْتِ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا وَلَا تَمْتَدُّ لِلزَّوَالِ، وَذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي مُقَدِّمَةٍ لَهُ بِخُصُوصِ صَلَاةِ الضُّحَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ الْإِنْسَانُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ وَالشَّمْسِ بِتَمَامِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ وَالضُّحَى لِلْمُنَاسَبَةِ، وَلِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ لَكِنَّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ م ر، وَاعْتَمَدَهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْكَافِرُونَ وَالثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا قَالَ: لِفَضْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ السُّورَةَ الْأُولَى تَعْدِلُ رُبْعَ الْقُرْآنِ وَالثَّانِيَةَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِأَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةَ وَالشَّمْسِ وَالْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالضُّحَى وَالْإِخْلَاصَ، ثُمَّ فِي بَاقِي الرَّكَعَاتِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ اهـ.

قَوْلُهُ: (هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) فَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِحْرَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا ح ل.

قَوْلُهُ: (أَفْضَلُهَا ثَمَانٍ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِيَ أَفْضَلُ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَة لَا يُنَافِي قَاعِدَةَ أَنَّ الْعَمَلَ كُلَّمَا كَثُرَ وَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ يَفْضُلُ الْكَثِيرَ فِي صُوَرٍ كَالْقَصْرِ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ إنْ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قَصْرِهِ، وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ الْجِنَّ يُؤْذُونَ أَوْلَادَ مُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى لَا أَصْلَ لَهُ بَلْ هِيَ تُحَرِّقُ أَوْلَادَ الشَّيَاطِينِ، وَصَلَاةُ الضُّحَى وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ فِي الْخَصَائِصِ وَشَرْحِهَا: اُخْتُصَّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ صَلَاةِ الضُّحَى عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ مُضِيِّ رُبْعِ النَّهَارِ) لِيَصِيرَ فِي كُلِّ رُبْعٍ مِنْهُ صَلَاةً وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «صَلَاةُ الضُّحَى حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَسْتَكْمِلْ سَنَةً بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي خِفَافِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ الطُّلُوعِ، وَيُسَنُّ أَنْ تُؤَخَّرَ إلَى الِارْتِفَاعِ كَالْعِيدِ وَهَذَا زَعْمٌ ضَعِيفٌ بَلْ بَاطِلٌ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ الطُّلُوعِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الِارْتِفَاعِ.

قَوْلُهُ: (صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ) سُمِّيَتْ بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الرَّاحَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ ق ل. قَوْلُهُ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ) أَيْ مَنْ صَلَّى تَرَاوِيحَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عُمَرَ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَمْ تُقَمْ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ ق ل قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ فِي حَقِّ عُمَرَ: نَوَّرَ اللَّهُ قَبْرَهُ كَمَا نَوَّرَ مَسَاجِدَنَا. وَوَرَدَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَرَجَ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ فَصَلَّاهَا وَصَلَّوْهَا مَعَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ وَصَلَّى فِي بَيْتِهِ بَاقِي الشَّهْرِ وَقَالَ: خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجَزُوا عَنْهَا» . شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: لَيَالِيَ أَيْ لَيْلَةَ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ تَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ اهـ اج. وَقَوْلُهُ: خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ لَا يُنَافِيهِ مَا فِي قِصَّةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرُ الْخَمْسِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْقِصَّةِ. وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ فِي السُّنَّةِ غَيْرُ الْخَمْسِ. وَقَالَ ق ل: خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ جَمَاعَتُهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَعَ تَقَرُّرِ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَنِ التَّشْرِيعِ وَرُبَّمَا يَحْدُثُ فَرْضٌ آخَرُ أَوْ جَمَاعَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا إيرَادَ وَلَا إشْكَالَ اهـ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَوْضِعًا حَوْلَ الْعَرْشِ يُسَمَّى حَظِيرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>