للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَارِئِ، وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةٍ: سَجْدَتَا الْحَجِّ، وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ، وَالْبَقِيَّةُ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقِرَاءَةَ اسْمٌ لِجِنْسِ هَذَا الْفِعْلِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّين بِالضَّرُورَةِ أَيْ يَعْرِفُهُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ عَلَى الشَّيْخِ خَلِيلِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِقَارِئٍ وَسَامِعٍ) وَلَا فَرْقَ فِي الْقَارِئِ أَيْ الَّذِي يَسْجُدُ السَّامِعُ لِقِرَاءَتِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَلَوْ جُنُبًا مُعَانِدًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ م ر سم. أَوْ مَلِكًا أَوْ جُنُبًا أَوْ قَرَأَ آيَةً بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لِيُفَسِّرهَا لَهُ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ قَصَدَ تِلَاوَتَهَا لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا لَا لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ مُسْلِمٍ بَالِغٍ وَسَكْرَانَ وَسَاهٍ وَنَائِمٍ وَلَا لِقِرَاءَةٍ فِي جِنَازَةٍ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. وَلَا فِي نَحْوِ رُكُوعٍ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا شَرْحُ م ر. وَالْمُرَادُ بِالْمَشْرُوعَةِ أَنْ لَا تَكُونَ مُحَرَّمَةً وَلَا مَكْرُوهَةً لِذَاتِهَا، وَأَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ مَشْرُوعَةٌ الْقِرَاءَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَالْمَكْرُوهَةُ، فَالْأُولَى كَقِرَاءَةِ الْمُسْلِمِ الْجُنُبِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ تَحْرِيمُهَا لِعَارِضٍ وَهُوَ الْجَنَابَةُ لَا لِذَاتِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الْجَنَابَةُ قَائِمَةً بِالْقَارِئِ كَانَ تَحْرِيمُهَا لِذَاتِهَا، وَالثَّانِيَةُ كَقِرَاءَةِ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَقْصُودَةُ قِرَاءَةِ السَّكْرَانِ وَالسَّاهِي، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ آيَتُهَا بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (قَصَدَ السَّمَاعَ) وَيُقَالُ لَهُ مُسْتَمِعٌ. قَوْلُهُ: (قِرَاءَةً) تَنَازَعَهُ قَارِئٌ وَسَامِعٌ.

قَوْلُهُ: (لِجَمِيعِ آيَةِ السَّجْدَةِ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَجُمْلَةُ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ مَشْرُوعَةً مَقْصُودَةً مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِجَمِيعِ الْآيَةِ. وَأَنْ لَا تَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ هَذِهِ عَامَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُصَلِّيًا لَا بُدَّ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِقِرَاءَتِهِ السُّجُودَ فِي غَيْرِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِ الم تَنْزِيلُ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا شَرَطَ أَنْ لَا يَسْجُدَ إلَّا لِسُجُودِ إمَامِهِ. وَفِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْمُصَلِّي بِقِرَاءَتِهِ السُّجُودَ، وَإِلَّا حَرُمَ وَبَطَلَتْ بِهِ الصَّلَاةُ أَيْ غَيْرِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا هُوَ فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ آيَةِ السَّجْدَةِ عِنْدَ حَجّ وَخَصَّ م ر. عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِآيَةِ السَّجْدَةِ. قَوْلُهُ: (مَشْرُوعَةً) أَيْ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ كَانَ خَطِيبًا أَمْكَنَتْهُ عَلَى مِنْبَرِهِ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ أَوْ أَسْفَلِهِ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَلَا يَجُوزُ سُجُودُ سَامِعِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْخُطْبَةِ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ مَعَ سُجُودِهِ، أَوْ كَانَ مُصَلِّيًا بِأَنْ قَرَأَ فِي قِيَامٍ وَسَجَدَ لِلْقِرَاءَةِ فِي السُّوقِ وَالْحَمَّامِ وَالْخَلَاءِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً؛ لِأَنَّهَا أَيْ الْكَرَاهَةَ لِخَارِجٍ كَمَا قَالَهُ سم وَلَا تَرِدُ قِرَاءَةُ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ لَهَا سُجُودٌ مَعَ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الرُّكُوعِ لَمَّا طُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ. وَانْظُرْ لَوْ قَرَأَ غَيْرُ الْمَيِّتِ هَلْ هُوَ كَقِرَاءَةِ النَّائِمِ لَا يَسْجُدُ لَهَا أَوْ لَا فَلْيُحَرَّرْ اج. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَرَأَ الْمَيِّتُ آيَةَ سَجْدَةٍ كَرَامَةً فَهَلْ يَسْجُدُ السَّامِعُ لَهُ أَمْ لَا. قَالَ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَقْرَأَ الْمَيِّتُ قِرَاءَةً حَسَنَةً يَلْتَذُّ بِهَا، فَحِينَئِذٍ يُشْرَعُ لِسَامِعِهِ السُّجُودُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مُكَلَّفًا إذْ هِيَ مِنْ الْمُمَيِّزِ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ الْمَيِّتُ كَالسَّاهِي وَالْجَمَادِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ مُسِخَ وَقَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَسْخُ الْحَاصِلُ تَبَدُّلِ صِفَةٍ سَجَدَ السَّامِعُ لِقِرَاءَتِهِ آيَتَهَا؛ لِأَنَّ الْمَمْسُوخَ كَمَا ذُكِرَ آدَمِيٌّ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ تَبَدُّلُ ذَاتٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا حَيَوَانٌ كَالدُّرَّةِ الْمَعْلُومَةِ فَهُوَ فَاقِدٌ لِلتَّمْيِيزِ، وَإِمَّا جَمَادٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ اهـ. وَتَأَكُّدِهَا لِلْمُسْتَمِعِ أَقْوَى مِنْ تَأَكُّدِهَا لِلسَّامِعِ وَالْمُسْتَمِعِ هُوَ مَنْ قَصَدَ السَّمَاعَ وَالسَّامِعُ هُوَ مِنْ يَسْمَعُ سَوَاءٌ قَصَدَ السَّمَاعَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَكُلُّ مُسْتَمِعٍ سَامِعٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. قَالَ م ر: وَالْأَوْجَهُ فِي قَارِئٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ لَهَا قَبْلَ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ ثُمَّ يُصَلِّيهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي التَّحِيَّةِ مِنْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ، إذَا كَانَ الْقَارِئُ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً) وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

فَائِدَةٌ فِي سُوَرِ السُّجُودِ ... نَظَمْتهَا كَالدُّرِّ فِي الْعُقُودِ

فِي الِانْشِقَاقِ سَجْدَةٌ وَالْإِسْرَا ... وَسَجْدَةُ التَّنْزِيلِ ثُمَّ اقْرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>