للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْآيَةِ

، وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلَى أَوْ فَاسِقٍ مُعْلِنٍ، وَيُظْهِرُهَا لِلْفَاسِقِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَهُ لَا لِمُبْتَلًى لِئَلَّا يَتَأَذَّى وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَلِمُسَافِرٍ فِعْلُهُمَا كَنَافِلَةٍ، وَيُسَنُّ مَعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقِرَاءَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهَا لِتَعَلُّقِهَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالْكُسُوفِ، فَإِنْ لَمْ يُطِلْ أَتَى بِهَا وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ عَدَمِ دُخُولِ الْقَضَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ السُّجُودُ وَاجِبًا بِأَنْ نَذْرَهُ فَقَدْ قَالَ سم: لَوْ نَذَرَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ هَلْ تَفُوتُ وَيَأْثَمُ أَوْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ؟ ، وَوَافَقَ م ر عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ يَجِبُ قَضَاؤُهَا اهـ اج. وَعِبَارَةُ ق ل أَيْ: فَتَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَلَوْ سَهْوًا وَجَهْلًا وَبِالْإِعْرَاضِ وَلَا تُقْضَى. قَوْلُهُ: (وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْآيَةِ) سَوَاءٌ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ أَوْ الرَّكْعَةُ أَوْ لَا. وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ فِي كُلِّ مَرَّة عَقِبَهَا أَوْ يُؤَخِّرَ السُّجُودَ. وَحِينَئِذٍ إذَا سَجَدَ وَقَصَدَ السُّجُودَ عَنْ الْكُلِّ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ بِكُلِّ سَجْدَةٍ مَرَّةً جَازَ سَوَاءٌ رَتَّبَ أَوْ لَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَقْصُودِ وَسُجُودِهَا ق ل. وَعِبَارَتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ: فَلَوْ كَرَّرَ الْآيَةَ سَجَدَ لِكُلِّ مَرَّةٍ عَقِبَهَا فَإِنْ أَخَّرَ السُّجُودَ فَاتَ لِمَا طَالَ فِيهِ الْفَصْلُ وَيَسْجُدُ لِغَيْرِهِ بِعَدَدِهِ إنْ شَاءَ وَيَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْهُ إنْ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ بَعْضَهُ فَاتَ بَعْضُهُ.

قَوْلُهُ: (لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) ظَاهِرَةٍ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ فَخَرَجَ بِالْهُجُومِ النِّعْمَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ فَلَا سُجُودَ لَهَا، وَبِالظَّاهِرَةِ وَهِيَ مَا لَهَا وَقْعٌ مَا لَا وَقْعَ لَهُ كَدِرْهَمٍ وَبِمَا بَعْدَهُ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهَا كَرِبْحٍ بَعْدَ التِّجَارَةِ، فَالْمُرَادُ بِهُجُومِ النِّعْمَةِ وُجُودُهَا فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَيَقَّنْ وُجُودَهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَقِّعًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ النِّعْمَةُ لَهُ أَوْ لِوَالِدَيْهِ أَوْ لِأَهْلِهِ أَوْ لِصَدِيقِهِ أَوْ لِمَنْ يَعُمُّ النَّفْعُ بِهِ كَعَالِمٍ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَطَرِ عِنْدَ الْقَحْطِ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ خَاصَّةً بِمُسْلِمٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا، وَتَفْسِيرُنَا الظَّاهِرَةَ بِمَا لَهَا وَقْعٌ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ خ ض حَيْثُ قَالَ: وَقَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ، فَلَا يَسْجُدُ لَهُمَا وَهُوَ ضَعِيفٌ تَابِعٌ فِيهِ لِشَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَاعْتَمَدَ الْحَلَبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ السُّجُودَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وَقْعٌ لَا مُقَابِلَ الْبَاطِنَتَيْنِ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ هُجُومٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْهُجُومِ فِيهَا أَيْضًا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ التُّحْفَةِ، وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ عَنْهُ أَوْ عَنْ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا أَمْ لَا لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ، وَانْظُرْ لَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْمُقْتَضَيَاتُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَهَلْ يَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لِحُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا كَمَالُهَا فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَدُّدِ فَلْيُرَاجَعْ بَابِلِيٌّ. اهـ. إطْفِيحِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ رُؤْيَةُ مُبْتَلًى) أَوْ عَاصٍ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الرَّائِي كَذَلِكَ، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَا نَوْعًا وَصِفَةً وَمَحَلًّا لَمْ يَسْجُدْ أَحَدُهُمَا لِرُؤْيَةِ الْآخَرِ، وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَوْ مِنْ بُعْدٍ وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مُجْتَمِعًا مَعَهُ عُرْفًا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ أَيْضًا مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ بِهِ لِيَدْخُلَ الْأَعْمَى إذَا سَمِعَ صَوْتَهُ وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا وَشَمِلَ الْمُبْتَلَى وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَإِنَّمَا يَسْجُدُ لِلْعِلْمِ بِمُبْتَلًى بِغَيْرِ بَلَائِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ، لَكِنَّهُ أَعْظَمُ إنْ كَانَ لِلْمُعَافَاةِ مِنْ بَلَائِهِ، فَإِنْ كَانَ لِزَجْرِهِ بِأَنْ حَصَلَ مِنْ حَدٍّ سَجَدَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ بَلَائِهِ. وَقَيَّدَ سم نَدْبَ سُجُودِ الْفَاسِقِ لِمِثْلِهِ بِمَا إذَا أَرَادَ زَجْرَهُ لَا الْمُعَافَاةَ مِنْ بَلَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ عَمِيرَةُ: وَلَوْ هَجَمَتْ النِّعْمَةُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى وَالْعَاصِي كَفَاهُ سُجُودُ وَاحِدٍ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ قَالَ م د فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ. وَالْمُعْتَمَدُ، أَنَّهُ يَكْفِي سُجُودٌ وَاحِدٌ إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَسْبَابُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فَاسِقٍ) وَمِنْهُ الْكَافِرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْصِيَةِ أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً، فَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ الْعَاصِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا كَمُرْتَكِبِ الصَّغِيرَةِ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ، فَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُ السُّجُودِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَمْ لَا. فَسَقَ أَمْ لَمْ يَفْسُقْ. كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيُظْهِرُهَا) أَيْ السَّجْدَةَ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَهُ أَيْ إنْ أَمِنَ نَفْسًا وَمَالًا وَعِرْضًا، وَإِلَّا أَخْفَاهَا وَيَقْصِدُ بِهَا التَّعْيِيرَ لَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، فَإِنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَعْصِيَتِهِ فَلَا سُجُودَ لِرُؤْيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا لِمُبْتَلًى لِئَلَّا يَتَأَذَّى) بِالْإِظْهَارِ، نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي زِنًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَوْبَتِهِ أَظْهَرَهَا لَهُ وَإِلَّا فَيُسِرُّ بِهَا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ كَسَجْدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>