تُسَنُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَيَسْجُدُ مُصَلٍّ لِقِرَاءَتِهِ إلَّا مَأْمُومًا، فَلِسَجْدَةِ إمَامِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ أَوْ سَجَدَ هُوَ دُونَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيُكَبِّرُ الْمُصَلِّي كَغَيْرِهِ نَدْبًا لِهَوِيٍّ وَلِرَفْعٍ مِنْ السَّجْدَةِ بِلَا رَفْعِ يَدٍ فِي الرَّفْعِ. مِنْ السَّجْدَةِ كَغَيْرِ الْمُصَلِّي، وَأَرْكَانُ السَّجْدَةِ لِغَيْرِ مُصَلٍّ تَحَرُّمٌ وَسُجُودٌ وَسَلَامٌ وَشُرُوطُهَا كَصَلَاةٍ، وَأَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَسْمِيَةِ السُّجُودِ رُكُوعًا؛ لِأَنَّهُ مَبْدَؤُهُ أَوْ خَرَّ لِلسُّجُودِ رَاكِعًا كَأَنَّهُ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْ الِاسْتِغْفَارِ، وَأَنَابَ أَيْ رَجَعَ إلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ قَوْلُهُ: وَأَقْصَى مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْإِشْعَارُ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا لِغَيْرِهِ وَكَانَ لَهُ أَمْثَالُهُ، فَنَبَّهَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فَاسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ عَنْهُ؛ وَمَا رُوِيَ أَنْ بَصَرَهُ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فَعِشْقَهَا وَسَعَى حَتَّى تَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ سُلَيْمَانَ إنْ صَحَّ فَلَعَلَّهُ خَطَبَ مَخْطُوبَتَهُ أَوْ اسْتَنْزَلَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ وَاسَى الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمَا قِيلَ إنَّهُ أَرْسَلَ أُورْيَا إلَى الْجِهَادِ مِرَارًا وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ لِلْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ فَتَزَوَّجَهَا فَهُوَ افْتِرَاءٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا يَرْوِيهِ الْقُصَّاصُ جَلَدْته مِائَةً وَسِتِّينَ جَلْدَةً قَالَ م ر وَإِنَّمَا خَصَّ دَاوُد بِذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ لِآدَمَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكِ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَقِيَ مِمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ حَتَّى نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ الْعُشْبُ وَالْقَلَقُ الْمُزْعِجُ مَا لَقِيَهُ، فَجُوزِيَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَعُلُوِّ قُرْبِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ سَجَدَ لِتَوْبَتِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (تُسَنُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَتَحْرُمُ فِيهَا وَتَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ انْضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدُ التِّلَاوَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ غَلَبَ الْمُبْطِلُ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ وَحْدَهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ قَصْدَ التِّلَاوَةِ إنَّمَا يَكُونُ مَانِعًا لَلْبُطْلَانِ حَيْثُ كَانَ مِنْ السَّجَدَاتِ الْمَشْرُوعَةِ وَهُوَ هُنَا لَيْسَ مَشْرُوعًا وَكُلٌّ مِنْ قَصْدِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مُبْطِلٌ قَالَهُ ع ش. وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ أَيْ فِي قَوْلِهِ تُسَنُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الطَّوَافُ وَإِلْحَاقُهُ بِالصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ وَالْبُطْلَانِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْعَالِمِ الْعَامِدِ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ) أَيْ قَاصِدًا عَدَمَ السُّجُودِ بَطَلَتْ بِهَوِيِّ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَبِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ الْمُصَلِّي إلَخْ) أَيْ وَيَنْوِي سُجُودَ التِّلَاوَةِ حَتْمًا مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ وَلَا تَكْبِيرٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَرَأَ لَا يَقْصِدُ السُّجُودَ. أَمَّا لَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ. أَمَّا صُبْحُ الْجُمُعَةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ الم لِلسُّجُودِ.
قَوْلُهُ: (تَحَرُّمٌ) أَيْ تَكْبِيرُهُ التَّحَرُّمَ مَعَ النِّيَّةِ، فَالْأَرْكَانُ أَرْبَعَةٌ، فَإِنْ عُدَّتْ الطُّمَأْنِينَةُ فِي السُّجُودِ رُكْنًا فَخَمْسَةٌ وَإِنْ عُدَّ الْقُعُودُ لِلسَّلَامِ رُكْنًا فَهِيَ سِتَّةٌ، وَمِثْلُ الْقُعُودِ الِاضْطِجَاعُ إنْ سَجَدَهَا مِنْ اضْطِجَاعٍ كَمَا فِي م ر. وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ النِّيَّةِ لِدُخُولِهَا فِي التَّحَرُّمِ؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (وَسُجُودٌ) وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ الَّذِي فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَضَعْ بِهَا عَنِّي وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد قَالَهُ ق ل. وَظَاهِرُهُ، أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ، وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الرَّحْمَانِيِّ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ خَاصٌّ بِسَجْدَةِ صَ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ الظَّاهِرُ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: سَجْدَةُ صَ بَعْدَ وَأَنَابَ يُسَنُّ فِيهَا مَعَ ذِكْرِهَا الْمَشْرُوعِ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيَقُولُ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلْقَهُ إلَى آخِرِهِ، وَلَوْ سَجَدَ بِقَصْدِ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ لَا يَضُرُّ فَقَدْ قَالَ م ر: إنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ مَحْضِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَةِ الشُّكْرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَسَلَامٌ) أَيْ بَعْدَ جُلُوسِهِ كَمَا قَالَهُ م ر. قَالَ قَالَ: وَسَكَتَ عَنْ الْجُلُوسِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَلَعَلَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ كَابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر وُجُوبَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْجُلُوسِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهَا كَصَلَاةٍ) فَيُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَتَرْكٍ نَحْوَ كَلَامٍ، وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ مَكْشُوفَةً بِتَحَامُلٍ عَلَى غَيْرِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَمِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَا دُخُولُ وَقْتِهَا. وَهُوَ فِي حَقِّ الْقَارِئِ وَسَامِعِهِ إتْمَامُ آيَتِهَا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ إتْمَامِ حُرُوفِهَا أَوْ سَمَاعِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا اهـ. خ ض.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ) فَإِنْ طَالَ لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute