وَالْمَجْمُوعِ. وَعَنْ قَلِيلِ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ لَا عَنْ قَلِيلِ دَمٍ نَحْوَ كَلْبٍ لِغِلَظِهِ، وَكَالدَّمِ فِيمَا ذُكِرَ قَيْحٌ وَصَدِيدٌ وَمَاءُ قُرُوحٍ وَمُتَنَقَّطٌ لَهُ رِيحٌ.
وَلَوْ صَلَّى بِنَجَسٍ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عِلْمَهُ ثُمَّ نَسِيَ فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَيَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلُهَا مَعَ النَّجَسِ.
بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَهَا.
(وَ) الثَّانِي: (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) عَنْ الْعُيُونِ وَلَوْ كَانَ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ دَمِ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ، وَإِنْ كَثُرَ وَتَفَاحَشَ وَانْتَشَرَ لِعَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ لَا يَكُونَ بِفِعْلِهِ، وَأَنْ لَا يُخْلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ ضَرُورِيٍّ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَلْبُوسٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَفَى عَمَّا فِيهِ مِنْ الدَّمِ صَارَ كَالطَّاهِرِ، فَإِنْ اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ ضَرُورِيٍّ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَلْبُوسِ الْمَذْكُورِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هَذَا أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثِيرَ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ قَلِيلِ دَمٍ إلَخْ) جَمْعُهُ قُلُلٌ كَسَرِيرِ وَسُرُرٌ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ. وَحَاصِلُ مَا فِي الدِّمَاءِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهَا وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ وَكَثِيرِهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ فَيُعْفَى حِينَئِذٍ عَنْ قَلِيلِهَا فَقَطْ م ر ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ لِغَرَضٍ كَعَصْرِ الدُّمَّلِ أَمَّا لَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا كَأَنْ لَطَّخَ نَفْسَهُ بِدَمٍ أَجْنَبِيٍّ عَبَثًا لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِارْتِكَابِهِ مَحْرَمًا فَلَا يُنَاسِبُهُ الْعَفْوُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ كَالْخَارِجِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ لِثَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. اهـ. م ر. وَقَالَ حَجّ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ بِهِ ضَرُورِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَكَالدَّمِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ قَيْحٌ. قَوْلُهُ: (وَمُتَنَقَّطٌ) وَهُوَ الْبَقَابِيقُ الَّتِي تَطْلُعُ فِي الْبَدَنِ. وَقَوْلُهُ: لَهُ رِيحٌ قَيْدٌ فِي مَاءِ الْجُرُوحِ وَمَا بَعْدَهُ وَمِثْلُ تَغَيُّرِ الرِّيحِ تَغَيُّرِ اللَّوْنِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَلَّى بِنَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَمْ يَعْلَمْهُ) أَيْ حَالَ ابْتِدَائِهَا. وَقَوْلُهُ: (أَوْ عَلِمَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ تَذَكَّرَ) أَيْ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَطَهَارَةُ النَّجَسِ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِهِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: فَصَلَّى لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ صَلَّى.
قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطَهُّرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِالْإِعَادَةِ مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ كَمَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَفِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ أَيْ غَلَّبَ الْإِعَادَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَسَمَّاهَا إعَادَةً، إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرَاخِي، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فِي الصَّوْمِ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِيهِ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَقَعُ كَثِيرًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ ع ش، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ لِرَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا) أَيْ صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ: (اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ) أَيْ النَّجَسُ بَعْدَهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ أَيْ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهَا لَكِنْ يُسَنُّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفَارَقَ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ فَاتَهُ صَلَوَاتٌ حَيْثُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا زَادَ عَلَى مَا تَيَقَّنَ فِعْلُهُ، وَسَوَاءٌ تَيَقَّنَ تَرْكُهُ أَوْ شَكَّ فَيُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الشَّكِّ هُنَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ ذَاكَ شَكٌّ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ، وَهَذَا شَكٌّ فِي شَرْطِهِ فَكَانَ أَخَفَّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ أَيْ: أَنْ يَسْتُرَ الْمُصَلِّي عَوْرَتَهُ وَالْعَوْرَةُ لُغَةً النُّقْصَانُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ وَمِنْهُ كَلِمَةُ عَوْرَاءُ أَيْ قَبِيحَةٌ وَيُسَمَّى بِهَا الْقَدْرُ الْآتِي لِقُبْحِ ظُهُورِهِ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْعُيُونِ)