للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: «وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرْ» . أَيْ الْأَمَةُ «إلَى عَوْرَتِهِ» . وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَمِثْلُ الذَّكَرِ مَنْ بِهَا رِقٌّ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ فَلَيْسَا مِنْ الْعَوْرَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. فَائِدَةٌ: السُّرَّةُ مَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْ الْمَوْلُودِ وَالسُّرَّةُ مَا يُقْطَعُ مِنْ سُرَّتِهِ مَا يُقَالُ لَهُ سُرَّةٌ لِأَنَّ السُّرَّةَ لَا تُقْطَعُ وَالرُّكْبَةُ مَوْصِلُ مَا بَيْنَ الْأَطْرَافِ الْفَخْذِ وَأَعَالِي السَّاقِ وَكُلُّ حَيَوَانٍ ذِي أَرْبَعٍ رُكْبَتَاهُ فِي يَدَيْهِ وَعُرْقُوبَاهُ فِي رِجْلَيْهِ.

وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ (لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ) لَعَلَّ الْوَاوَ عَاطِفَةً عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ وم ر. ذَكَرَ الرِّوَايَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ. قَوْلُهُ (عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ) أَيْ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَالْعَوْرَةُ) أَيْ عَوْرَةُ الْأَحَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ السَّيِّدُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِيهِ الذَّكَرُ، فَلِذَلِكَ احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى قِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُ الذَّكَرِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الدَّلِيلِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَدِيثِ لَمَا ثَبَتَ الْحُكْمُ وَتَخْصِيصُ الْعَوْرَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ إلَخْ. بِعَوْرَةِ الْأَحَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ لِأَجْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَمِثْلُ الذَّكَرِ إلَخْ. وَإِلَّا فَلَفْظُ الْعَوْرَةِ عَامٌّ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ وَالْأُنْثَى الْحُرَّةُ خَرَجَتْ عَنْهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَلِذَا أُعِيدَتْ الْعَوْرَةُ بِلَفْظِهَا: وَيَكُونُ الْقِيَاسُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلِذَا كَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَقِيسَ بِالرَّجُلِ إلَخْ مَا نَصُّهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَوْرَةِ عَامٌّ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ وَالْأُنْثَى الْحُرَّةُ خَرَجَتْ عَنْهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَأُبْقِيَ هَذَا الْعَامُّ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ عَلَى حَالِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مِثْلَ الرَّأْسِ الصَّدْرُ مَثَلًا، فَإِنَّهُ غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنْهُمَا فَلِمَاذَا خَصَّ الرَّأْسَ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الْجَامِعَ الرَّأْسَ؛ لِأَنَّ الْجَامِعَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَكَوْنُ الرَّأْسِ مِنْهُمَا غَيْرُ عَوْرَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِخِلَافِ مَا عَدَاهَا فَفِيهِ خِلَافٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ حَتَّى يَصِحَّ جَعْلُهُ جَامِعًا. وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ فِي الْجُمْلَةِ كَقِيَاسِ الْبِغَالِ عَلَى الْخَيْلِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِجَامِعِ الشَّبَهِ الصُّورِيِّ لَا مِنْ قِيَاسِ الْعِلَّةِ، وَأَيْضًا فَهُوَ جَامِعٌ إقْنَاعِيٌّ يُقْنِعُ بِهِ الْخَصْمَ وَهُوَ الْحَنَفِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا رَأْسَهَا فَنَقُولُ لَهُ قِيَاسُهَا عَلَى الرَّجُلِ بِهَذَا الْجَامِعِ الَّذِي تُسَلِّمُهُ أَوْلَى اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَا مِنْ الْعَوْرَةِ عَلَى الْأَصَحِّ) لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهِمَا مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ) أَيْ مَوْضِعُ الْجُزْءِ الَّذِي يُقْطَعُ. وَعِبَارَةُ م د: وَالسُّرَّةُ مَحَلُّ السُّرِّ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْ الْمَوْلُودِ فَالسُّرُّ مَا يُقْطَعُ وَالسُّرَّةُ مَحَلُّهُ وَجَمْعُهَا سُرَرٌ وَسَرَائِرُ اهـ قَوْلُهُ مَوْصِلُ بِوَزْنِ مَسْجِدِ أَيْ مَحَلُّ وَصْلِ الْفَخْذِ بِالسَّاقِ قَوْلُهُ رُكْبَتَاهُ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْآدَمِيِّ. قَوْلُهُ (وَعُرْقُوبَاهُ) هُمَا الْعَظْمَاتُ الْبَارِزَانِ فِي وَسَطِ رِجْلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ. أَمَّا عَوْرَتُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهَا فَهِيَ جَمِيعُ بَدَنِهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَلَوْ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ، وَلَوْ رَقِيقَةً فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا وَلَوْ قُلَامَةَ ظُفْرٍ مُنْفَصِلًا مِنْهَا، وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْهَا ذَلِكَ حَالَةَ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَعَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَحَارِمِهَا وَمِثْلُهَا فِي الْخَلْوَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، فَلِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ، وَلَهَا عَوْرَةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ مَا عَدَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ، وَوَجْهُ احْتِمَالِ حِكَايَةِ مَا رَأَتْهُ مِنْهَا لِلْكَافِرِ وَاغْتُفِرَ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ لِاحْتِيَاجِهَا لِكَشْفِ ذَلِكَ غَالِبًا، وَكَذَا الرَّجُلُ لَهُ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ: عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَهِيَ أَيْضًا عَوْرَتُهُ عِنْدَ الرِّجَالِ وَمَحَارِمِهِ مِنْ النِّسَاءِ، وَعَوْرَةُ النَّظَرِ وَهِيَ جَمِيعُ بَدَنِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ، وَعَوْرَةُ الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ، فَلَوْ عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْظُرُ إلَيْهِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهَا سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهِ عَنْهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَذَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا ز ي، وَانْتَشَرَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَنَازَعُوهُ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ الْمُنَازَعَةِ وَقَالُوا: سَبَرْنَا كُتُبَ الْحَدِيثِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهَا أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَتْ لَهُمْ بَرَاقِعُ فَبَلَغَتْ الْمَسْأَلَةُ الشَّيْخَ م ر. فَأَفْتَى مَا أَفْتَى بِهِ ز ي فَبَطَلَتْ الْمُنَازَعَةُ اهـ اج عَلَى الْمَنْهَجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>