للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَجُوزُ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَفِي الصَّحْوِ مُخْبِرٌ عَنْ عِيَانٍ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ تَقْلِيدِهِ فِيهِ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ فِي الْعَادَةِ إلَّا فِي الْوَقْتِ فَلَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَلَعَلَّهُ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إصَابَتُهُمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ أَعَادَ مُطْلَقًا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ أَفْضَلُ، وَيَعْمَلُ الْمُنَجِّمُ بِحِسَابِهِ جَوَازًا وَلَا يُقَلِّدُهُ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ النُّجُومِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهَا فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ كَمَا يُؤْخَذ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ.

(وَفِي) الْخَامِسِ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ} [البقرة: ١٤٤] أَيْ: " نَحْوَ الْمَسْجِدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ: قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ) ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (عِيَانٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ تَقْلِيدِهِ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (فَلَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ) أَيْ لَا تَقْصُرُ رُتْبَتُهُ عَنْ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ. وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ، فَإِنَّ صَوْتَ الدِّيكِ لَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ فِي تَقْلِيدِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ تَأَمَّلْ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ، فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مُسَاهَلَةٌ.

قَوْلُهُ: (الْبَنْدَنِيجِيُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَحْتِيَّةٌ وَجِيمٌ، نِسْبَةٌ إلَى بَنْدَنِيجَيْنِ بِلَفْظِ الْمُثَنَّى بَلْدَةٌ قُرْبَ بَغْدَادَ اهـ مِنْ اللُّبِّ لِلسُّيُوطِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ) أَيْ وَلَمْ يُقَلِّدْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، لَا سِيَّمَا بِمِصْرَ، أَمَّا إذَا قَلَّدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا كَالْوَاحِدِ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ الْمُؤَذِّنُونَ، فَإِنْ كَثَرُوا وَكَانُوا ثِقَاتٍ عَارِفِينَ جَازَ تَقْلِيدُهُمْ مُطْلَقًا فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.

قَوْلُهُ: (أَعَادَ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا عَلِّلَ بِهِ هُوَ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ) أَيْ وُجُوبًا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّ دُخُولِ الْوَقْتِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ حَمَلَهُ عَلَى الْجَوَازِ.

قَوْلُهُ: (وَيَعْمَلُ الْمُنَجِّمُ) وُجُوبًا لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ أَخْبَرَهُ وَصَدَّقَهُ فَقَوْلُهُ جَوَازًا بِمَعْنَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَنْعِ وَيُصَرِّحُ بِهِ تَشْبِيهُهُ بِالصَّوْمِ ق ل.

قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَيَعْمَلُ الْمُنَجِّمُ.

قَوْلُهُ: (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) أَيْ مُوَاجَهَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ فَأَلْ فِي الْقِبْلَةِ لِلْعَهْدِ، وَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ الشَّاذَرْوَانِ وَلَا الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ مُنَاوِيٌّ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالتَّوَجُّهُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّي يُقَابِلُهَا وَكَعْبَةً لِقُرْبِهَا مِنْ التَّرْبِيعِ الْمُسَمَّى بِالْمُكَعَّبِ ق ل. وَقِيلَ: لِتَكَعُّبِهَا أَيْ تَرَبُّعِهَا وَهِيَ مُرْتَفِعَةٌ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا وَطُولُ الْبَابِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَشْرَةُ أَصَابِعَ وَعَرْضُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَأَحْجَارُهَا مِنْ خَمْسَةِ جِبَالٍ طُورِ سِينَا وَالْجُودِيِّ وَحِرَاءَ وَأَبِي قُبَيْسٍ وَثَبِيرٍ، وَالْمُرَادُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا مَعَ الْقُرْبِ وَظَنًّا مَعَ الْبُعْدِ عِنْدَ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ، وَدَلِيلُهُ الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْعَيْنُ لُغَةً وَتَفْسِيرُهُ بِالْجِهَةِ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوَّلُ أَمْرِهِ يَسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قِيلَ بِأَمْرٍ، وَقِيلَ بِرَأْيِهِ. وَكَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيَقِفَ بَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ، فَلَمَّا هَاجَرَ اسْتَدْبَرَهَا فَشَقَّ عَلَيْهِ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ التَّحَوُّلَ إلَيْهَا فَنَزَلَ {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: ١٤٤] الْآيَةَ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَتَحَوَّلَ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ: «إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ لِلْكَعْبَةِ الْعَصْرُ» . أَيْ: كَامِلَةٍ. وَكَانَ التَّحَوُّلُ فِي رَجَبٍ بَعْدِ الْهِجْرَة بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ السُّيُوطِيّ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَسَخَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَيْ مَرَّةً نُسِخَتْ الْكَعْبَةُ لِبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَرَّةً نُسِخَ بَيْتُ الْمُقَدَّسِ بِالْكَعْبَةِ، فَالنَّسْخُ لِلْقِبْلَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَرَّتَيْنِ، وَلُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَحْفَظُ رَابِعًا. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعَوْفِيُّ: رَابِعُهَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ فَقُلْت:

<<  <  ج: ص:  >  >>