يَأْتِي بِهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُفِيدَ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا أَمْ لَا كَ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ أَيْ الثَّانِي الْمُخْتَارُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ الْأَوَّلَ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالثَّانِي هُوَ الْقِيَاسُ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمُخْتَارُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَيْ النَّوَوِيُّ إنَّمَا يَنْقَدِحُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ ذَلِكَ، أَمَّا مَعَ حِفْظِهِ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً مُنْتَظِمَةَ الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَى.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهِ عَلَيْهِ تَلْقِينُهُ الَّذِي تَوَقَّفَ فِيهِ قَوْلُهُ: (إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهَذَا قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَفَتَحَ عَلَيْهِ فَتَنْقَطِعُ الْمُوَالَاةُ. مَسْأَلَةٌ: إذَا كَرَّرَ آيَةً مِنْ نَفْسِ الْفَاتِحَةِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى: إنْ كَثُرَ تَكْرَارُهَا بِحَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ كَانَتْ أَوَّلَ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ آخِرَ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِهَا فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَرَأَ فِي خِلَالِهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بَنَى عَلَيْهَا. وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ: إذَا رَدَّدَ آيَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ فَإِنْ رَدَّدَ الْآيَةَ الَّتِي هُوَ فِي تِلَاوَتِهَا وَتَلَا الْبَاقِيَ فَالْقِرَاءَةُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ أَعَادَ بَعْضَ الْآيَاتِ الَّتِي فَرَغَ مِنْ تِلَاوَتِهَا مِثْلُ أَنْ وَصَلَ إلَى قَوْلِهِ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] فَعَادَ إلَى قَوْلِهِ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] إنْ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مَحْسُوبَةً، وَإِنْ أَعَادَ قِرَاءَةَ هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ لَمْ تُحْسَبْ لَهُ الْقِرَاءَةُ وَعَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ، وَقَالَ فِي الْبَسِيطِ: إذَا كَرَّرَهَا لِشَكِّهِ فِي إتْيَانِهِ بِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلَوْ كَرَّرَ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبٍ تَرَدَّدَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي إلْحَاقِهِ بِالرُّكْنِ الْيَسِيرِ فِي انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّ وَلَاءَ الْفَاتِحَةِ لَا يَنْقَطِعُ بِتَكْرَارِ كَلِمَةٍ مِنْهَا كَيْفَ فُرِضَ الْأَمْرُ اهـ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلُ التَّامُّ فِي الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَبَلَادَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ قَوْلُهُ: (عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ) وَهِيَ بِالْبَسْمَلَةِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَالِكِ، وَعَدِّ الْمُشَدَّدِ بِحَرْفَيْنِ، وَيُغْنِي عَنْ الْمُشَدَّدِ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَرْفَانِ مِنْ الْبَدَلِ لَا عَكْسُهُ فَلَا يُقَامُ الْمُشَدَّدُ مِنْ الْبَدَلِ مَقَامَ حَرْفَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ كَمَا قَالَهُ ح ل. وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَجْمُوعِ لَا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ الْبَدَلِ قَدْرُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (لَا فَرْقَ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ (كَثُمَّ نَظَرَ) أَيْ مَعَ سِتَّةٍ قَبْلَهَا لَا تُفِيدُ مَعْنًى مَنْظُومًا. وَكَانَ الْأَوْلَى التَّمْثِيلَ بِفَوَاتِحِ السُّوَرِ لِأَنَّ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] جُمْلَةٌ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ فَيُقَالُ: إنَّهَا تُفِيدُ مَعْنًى مَنْظُومًا لِأَنَّ قَوْلَهُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] أَيْ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَعَدَمُ إفَادَتِهِ الْمَعْنَى الْمَنْظُومَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ ك الم والمر وحم، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْجَلَالُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ. وَقَوْلُهُ كَثُمَّ نَظَرَ أَيْ فِي أَمْرِ الْقُرْآنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، {ثُمَّ عَبَسَ} [المدثر: ٢٢] قَطَّبَ وَجْهَهُ أَيْ قَلَّصَهُ وَكَمَشَهُ وَجَمَعَهُ بِعَرْقَصَةٍ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ طَعْنًا وَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ قَوْلُهُ: (قَالَ) أَيْ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَيْ الثَّانِي) فِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا شِقًّا وَاحِدًا وَهُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تُفِيدَ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا أَوْ لَا إلَخْ تَأَمَّلْ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: أَيْ الثَّانِي مُرَادُهُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَالْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ الْفَرْقُ قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تُفِيدَ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي هُوَ الْقِيَاسُ) وَهُوَ كَوْنُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْآيَاتِ أَنْ تُفِيدَ مَعْنًى مَنْظُومًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِنْهَا فَوَاتِحُ السُّوَرِ وَالْجَمْعُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ق ل قَوْلُهُ: (هُوَ الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى حُرْمَةِ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَنْظُومَةِ عَلَى الْجُنُبِ كَمَا فِي م ر قَوْلُهُ: (مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يُحْفَظُ إلَّا مَا لَهُ مَعْنًى مَنْظُومٌ قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ) مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ انْتِظَامُ الْمَعْنَى وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ انْتَهَى قَوْلُهُ: (إنَّمَا يَنْقَدِحُ) أَيْ يَظْهَرُ قَوْلُهُ: (وَهَذَا يُشْبِهُ إلَخْ) أَيْ حُمِلَ عَدَمُ الْفَرْقِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحْسِنْ مَا لَهُ مَعْنًى مَنْظُومٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute