للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَارِئِهَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا آمِينَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَقِيسَ بِهَا خَارِجُهَا مُخَفَّفَةً مِيمُهَا بِمَدٍّ وَقَصْرٍ وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ، وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ، وَلَوْ شَدَّدَ الْمِيمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ وَيُسَنُّ فِي جَهْرِيَّةٍ جَهَرَ بِهَا لِلْمُصَلِّي حَتَّى لِلْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ تَبَعًا لَهُ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ الْمَأْمُومُ مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَنْ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الْمُصَلِّيَ إنْ شَاءَ قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُجْزِهِ غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا فَقَرَأَهَا بِلُغَتِهِ أَجْزَأَتْهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّهُ صَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْإِسْلَامُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ الْإِخْبَارُ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِكُلِّ لُغَةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَتَعَبَّدَنَا الشَّارِعُ بِلَفْظٍ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ مَا أَمْكَنَ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) وَمِثْلُ الْفَاتِحَةِ بَدَلُهَا إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً مُحَاكَاةً لِلْبَدَلِ شَرْحُ م ر. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، لَكِنْ هَلْ يُؤَمِّنُ وَلَوْ تَأَخَّرَ غَيْرُ الدُّعَاءِ بِأَنْ قَدَّمَ الدُّعَاءَ وَأَخَّرَ غَيْرَهُ؟ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر: يُؤَمِّنُ مُطْلَقًا، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْهُ فِي غَيْرِ الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ إلَّا إذَا كَانَ الدُّعَاءُ آخِرًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الشَّرْحِ مِنْ الْإِطْلَاقِ اهـ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَقِبَ فَوَاتِ التَّأْمِينِ بِالتَّلَفُّظِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ سَهْوًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ قَلَّ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ نَحْوِ رَبِّ اغْفِرْ لِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَقِيبَ الضَّالِّينَ رَبِّ اغْفِرْ لِي آمِينَ» وَأَفْهَمَ أَيْضًا فَوَاتَهُ بِالسُّكُوتِ أَيْ بَعْدَ السُّكُوتِ الْمَسْنُونِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ طَالَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُوَالَاةِ. وَبِمَا قَرَّرْته يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا تَفُوتُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي السُّورَةِ أَوْ الرُّكُوعِ. نَعَمْ مَا أَفْهَمَهُ مِنْ فَوْتِهِ بِالشُّرُوعِ فِي الرُّكُوعِ وَلَوْ فَوْرًا مُتَّجِهٌ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ ق ل. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَالتَّأْمِينُ خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ) أَيْ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ ع ش قَوْلُهُ: (مُخَفَّفًا) حَالٌ مِنْ آمِينَ قَوْلُهُ: (لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الدُّعَاءَ بَلْ قَصَدَ بِهِ مَعْنَى قَاصِدِينَ أَنَّهَا تَبْطُلُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ قَوْلُهُ: (فِي جَهْرِيَّةٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ يَجْهَرُ بِهِ إنْ طُلِبَ مِنْهُ الْجَهْرُ، وَيُسِرُّ بِهِ إنْ طُلِبَ مِنْهُ الْإِسْرَارُ. وَالْأَمَاكِنُ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْمَأْمُومُ خَلْفَ إمَامِهِ خَمْسَةٌ: تَأْمِينُهُ مَعَ إمَامِهِ، وَفِي دُعَائِهِ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَإِذَا فَتَحَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا السِّرِّيَّةُ فَيُسِرُّونَ جَمِيعُهُمْ كَالْقِرَاءَةِ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) لَا لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) وَلَيْسَ لَنَا مَا تُسَنُّ فِيهِ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ إلَّا هَذِهِ السُّورَةُ، وَلَا يَرِدُ مَا إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ إمَامَهُ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً قَصِيرَةً، لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا مَعَهُ لِأَنَّهَا حَالَةُ عُذْرٍ فَلَا تَرَدُّدَ، وَيَأْتِي بِهَا أَيْ يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِالْفَاتِحَةِ عَقِبَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ وَسَكْتَةٍ لِلْإِمَامِ بَعْدَ آمِينَ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَحَلُّ سُكُوتِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَهَا، وَهَذِهِ إحْدَى السَّكَتَاتِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُمْ: الصَّلَاةُ لَا سُكُوتَ فِيهَا أَيْ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ، وَإِنَّمَا طُلِبَتْ فِيهَا الْمَعِيَّةُ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي الْخَبَرِ. وَيُسَنُّ سَكْتَةٌ بَعْدَ آمِينَ وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ وَمِثْلُهَا لِلْإِمَامِ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَسَكْتَةٌ أُخْرَى قَبْلَ رُكُوعِهِ، وَسَكْتَةٌ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، وَسَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِافْتِتَاحِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعَوُّذِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ فَالسَّكَتَاتُ سِتَّةٌ كَمَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ) أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ، «إذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] فَقُولُوا آمِينَ» فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ مُوَافَقَتُهُ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ أَيْ الْإِمَامِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إمَامُهُ عَنْ الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ فِيهِ التَّأْمِينُ أَمَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>